دخلت مواقع التواصل الاجتماعي في أدق تفاصيل حياتنا، أنشأنا من خلالها العلاقات وتبادلنا عبرها المعلومات والأخبار، ومنا من بسط تفاصيل حياته عبر برامجها مشرعًا بذلك باب الرأي والتعليق على ما يقوم بطرحه ليشاركه الآخرون، فنجد نقاشات وآراء مميزة قد تفتح آفاقًا جديدة للقارئ وتعكس مدى رقي أصحابها واحترامهم لما يقدم لهم حتى وإن كان ذلك يخالف توجهاتهم، وعلى النقيض آراء وتعليقات مسيئة ومخجلة، لا أستطيع القول عنها سوى انها مِرآة لصاحبها إذ تجسد أخلاقه، والتي قد تصل للسب والشتم والدخول في النوايا والأعراض، فقد أصبحت ظاهرة متفشية وذات أذيال عدة، منهم من يتحدث لمجرد الحديث سواء كان صغير السن أو مراهقًا لا يعي خطورة ما يقول، فتجده يكتب بلا أي هدف أو اكتراث، ومنها من تكون تعليقاته مدروسة وملغمة وذات هدف دنيء يشبه العصابة التي تقف خلفه. للأسف تفشى مؤخرًا مرض خطير في بوصلة الأخلاق لدى البعض فالأمراض ليست في الأجساد فقط، وكأنما (سوسة) تنخر في حائط سمعة الشاتم وتبطل كل سيرة حسنة عنه، وعطل تام في منبهات الضمير الذي لم يعد يمارس رقابته على (النفس) تلك الأمانة المودعة من الله عز وجل، وبما أن الرقابة الذاتية تعطلت فنحن بحاجة ماسة إلى رقابة من الأهل أشبه ما تكون بالسياج الواقي للأبناء حتى لا يقعوا فريسة لسوء تدبيرهم الذي قد يطال الأسرة بأكملها، وهنا استشهد بقوله تعالى «يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا». لقد صدر مرسوم ملكي رقم: م / 17 وتاريخ: 8 / 3 / 1428 ه للموافقة على نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، الذي قد يحفظ حق وكرامة الجميع ويجعل الكثير يتريث قبل أن يتفوه أو يكتب كلمة، ويكبل أيدي الأخلاق المريضة فيدحرها بعيدًا، إذ أنها ستتذكر دوما أن عقوبة كل تصرف غير لائق عبر مواقع التواصل السجن لمدة لا تزيد على 5 سنوات وغرامة مالية لا تتجاوز 3 ملايين ريال أو إحدى العقوبتين في حال ثبوت ذلك، وللأسف قد يخسر أحد أبنائنا 5 سنوات من حياته جراء كلمة أغضبت الله قبل أن تغضب من كان يود كسب امتعاضه، أو يجعل من أهله شفعاء متوسلين ومتذللين لأصحاب الحق؛ كي يصفحوا عن ما فعله فيريق بذلك ماء وجه ذويه بفعلته. لا ينبغي أن ينتظر المسيء رادعًا قويًا حتى يكف عن ذلك، بل يراجع نفسه ويضعها في الضفة الأخرى فهو الآخر لن يرضى أن يسيء أحد له، ومن المعيب أن نجعل من المتربصين الضاربين في الماء العكر فرصة أن ينسبوا ما قد يفعله السفهاء منا للإسلام أو للمملكة، وقد أتى (كلنا أمن) لينظف الساحة ويبث روح الانضباط فيها، فما نكتبه من كلمات ليس مجرد حروف بل سلاح حاد إن أحسنا استخدامه أصبحنا سفراء مشرفين لأهلنا و للدين والوطن، وإن أسأنا غرسناه في خاصرة الثلاثة معا، لا خاصرة من جعلنا نخرجه من غمده كما نظن!.