يقولون «القناعة كنز لا يفنى» نؤمن بهذه المقولات نظريا ولا نطبقها عمليا وهذا ما يفسر لنا الصراع في هذه الحياة. هي الحياة التي لا تعطي مَنْ يعطيها في مواقف كثيرة، وتبتسم لمَنْ يدير ظهره لها في مواقف أخرى، يقولون الحظ، وأحيانا التوفيق، ولكنها أقدار يكتبها رب العالمين لعباده في دنيا فانية. ننام على وسادة الفضيلة ونصحو على الرديئة بفعل تفكيرنا وحسدنا وحقدنا على الغير؛ لأننا لم نؤمن إيمانا صادقا بالقناعة التي نرددها في كل محفل. السعيد هو مَنْ تملكه الرضا، واقتنع بما في يديه، والشقي مَنْ حاول أن يقفز على هذه الحقيقة ونظر لما هو في أيدي الناس. في الحياة نماذج كثيرة، يبقى منها ما هو حقيقي، ويذهب ما هو مزيف. لا أعرف لماذا يصر البعض على السير على أرصفة التعاسة اختيارا وفلسفة من أجل نظرة الآخرين له، ويرفض كل مساحات السعادة المفروشة له من أجل نظرته لنفسه وحقيقته، هو الداء المتغلغل في النفوس بالعيش نظيفا في عيون الآخرين، ومتسخا في عينه وتفكيره وباطنه. نسير بقارب في باطنه خروق كثيرة قابلة للغرق، وفي ظاهره ألوان بهيجة تخدع الآخرين بنا شكلا وسلوكا ومعنى، والحقيقة تبقى بداخلنا زيفا وديكورا ونفاقا. أصبح البعض منا يسبح في بحر متلاطم الأمواج نظهر بوجه ونخفي وجها آخر، نتلون حسب المصلحة ونذوب في الأنا ونضرب في كل الاتجاهات لإيذاء الغير تحت عباءة الحياة شطارة. الشقاء هو أن تحاول إرضاء الغير بالشموخ، وبحقيقة أنت تعرفها قبل غيرك بأنك وضيع، والمسافة بينهما خداع (الأنا والمجموع) في آن واحد. نكتب الحياة وتكتبنا، نسير في طرقاتها نتعثر وننهض، ننجح ونفشل، نسعد ونشقى، حتى أولئك الذين ولدوا وفي فمهم ملاعق من ذهب يسيرون في أحيان كثيرة على الرمضاء، وعلى النقيض هناك مَنْ فتحت أعينهم على الحرمان ساروا في بعض الأحيان بشوارع الحرير والنعيم. في الحياة نماذج كثيرة، يبقى منها ما هو حقيقي، ويذهب ما هو مزيف.