إن التنافس النقي يثري الحياة، يجعل الفرد يطمح إلى السمو بنفسه، والارتقاء بعلمه وعمله؛ للسعي إلى الكمال. فحين تسري روح التنافس بين أصحاب الهمم، تتأجج في حياتهم جذوة المنافسة الشريفة، عندها يغتنمون الأوقات، ويستثمرون الأعمار، ليصيروا أعلى شأنا وأرفع علما وعملا. إن التنافس المحمود يظهر أثره في الآخرة، ويمتد إلى الجنة، هذا ما ربانا عليه الإسلام، فهو يولد التفوق ويعزز الطموح، ويزيد التنمية والإنجاز، ويطهر من لوثات القلوب التي تفسد العمل وتجعله هباء منثورا. بينما موت روح التنافس يجعل المجتمع متهالكا متهافتا اتكاليا أتحدث عن التنافس وليس الصراع، لأنه حين يخرج التنافس عن حدوده يصبح صراعا والصرعات تنشر الكراهية والخصومة والعداء وتفويت تحقيق المصلحة العامة، وهذا ما يجب الانتباه له. من المعروف أن التنافس في العمل التطوعي خير صور التنافس المحمود، الذي يستهدف رضا الله ونفع الفرد والمجتمع، بينما غدا العمل التطوعي فيروسا ، حيث انقلب الى صراع وتنافس غير محمود؛ لأنه تحول من تطوع الى رياء ومداهنة وسيطرة واستحواذ وشهرة، واستغلال أقل شيء لتلميع ما ليس يلمع والانتصار للذات كما انحسر عند مجاميع معينين يتشكلون على شكل أفرقة، يتنازعون الشهرة والصراع فيما بينهم من جهة وفيما بينهم وبين المتطوعين من خارج تلك الأفرقة أو الذين يعملون بشكل فردي من جهة أخرى. وغدت هناك معارك وصراعات وهمية؛ بسبب ضيق أفق أطرافها وحب الاستحواذ على المكافآت وشهادات التقدير، متناسين تماما أن العمل التطوعي هو عبارة عن تقديم المساعدة والعون والجهد مِن أجل العمل على تحقيق الخير في المجتمعِ عموما ولأفراده خصوصا، وأطلق عليه مسمى عمل تطوعي لأن الإنسان يقوم به طواعية دون إجبار من الآخرين على فعله، فهو إرادة داخلية، وغلبة لسلطة الخير على جانب الشر، ودليل على ازدهار المجتمع، فكلما زاد عدد العناصر الإيجابية والبناءة في مجتمع ما، أدى ذلك إلى تطوره ونموه، وأن الحياة تتسع للجميع والتنافس الشريف والتعاون هو المطلوب، وأنه كان الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، وحب لأخيك ما تحب لنفسك.