السياسة أصبحت حالة يعيشها المواطن، سواء رغِب أو لم يرغب.. فوقع الحدث السياسي واتساع تفاصيله، وكثافة طرحه، وتمدد رقعة المواد والرسائل الإعلامية المتسارعة أمام المتلقي العادي مع النخب.. أسهم ذلك في تشكيل وعي سياسي يموج بين الفهم الواقعي للحدث السياسي وملابساته، وبين مغلوطات المعلومات المتوفرة، أو تشابكها. لم تكن السياسة أولوية حديث وتعليق لدى المواطن في السابق حتى بالرغم من وجود الحدث.. لكن اليوم نجد كل حالة وكل حدث سياسي يقتحم بقوة مجالسنا، وينفذ لاهتماماتنا، ويقترن كثيرا بأحاديثنا.. هذا جعل المواطن يتحول إلى متابع جيد ثم معلق.. حتى وإن كان عقله وقلبه يخلو من مهارة التحليل والتفكيك السياسي فهو أصبح متلقيا نهما لكل ما يطرح.. وهو أصبح معلقا أو ناقلا لكل رسالة أو معلومة قد تصله. فلسفة تلون كثير من شرائح المجتمع بالصبغ السياسي قد يكون حدث بطواعية من منطلق إحساس الفرد بأن لديه رأيا وتعليقا يستحقان الطرح والاختيار.. كما أن شعور الانتماء الوطني الذي يتقد في جبهة الالتزام السياسي بحق الوطن والدفاع عنه في أي محفل.. كل ذلك أحدث فلسفة جديدة تكمن في أن الفرد المواطن هو في حقيقته سياسي بالقدر الذي يجيده، وبالقدرات التي يتمكن منها، وبالحدود التي يُسمح بها، وبالوظيفة التي يفترض أن يؤديها ويمارسها كمواطن سياسي. تبقى إشكالية أن الفهم السليم لهذه المسألة لا يقتصرعلى «استيعاب قشوري» أي تسطيح الفهم للحالة السياسية والحدث الواقع.. فلا يستهين المواطن بقيمته ودوره في دعم المشهد السياسي لبلاده بمحاولة عقلنة، وضبط عاطفي بغية تثبيت مسألة الانتماء والالتزام السياسي في نصابها. ترسيخ مبادئ المواطنة الحقة في الحالة السياسية ينطلق من دور المواطن السياسي الذي يستشعر أنه شريك مباشر في الأحداث التي يمر بها الوطن.. سواء بإضافة النافع، وتناقل المفيد من الرسائل الإعلامية أو الشخصية.. وتعزيز قيمة الردع الذاتي ضد كل ما يسيء للوطن من أخبار، أو أطروحات مكذوبة ومفبركة.. أو حبس وكتمان وإماتة وعدم تناقل وبث كل شائعة وباطل يشوه صورة الوطن.. أو كذلك من خلال تصحيح المغلوط أوالتثبت من المشبوه في كثير من المعلومات التي تمرر بطريقة موجهة كحرب إعلامية.. بالطبع هذا المواطن السياسي هو مسؤول في خط الدفاع المعنوي والاجتماعي لذا فهو يستثمر كل وسيلة إعلامية ممكنة هو يجيدها لتحقيق تلك الغاية الوطنية السامية.