احتفل العالم خلال الأسبوع الماضي باليوم العالمي للتطوع وشاركت المملكة في الاحتفاء بهذه المناسبة في أكثر من مكان منها المنطقة الشرقية، حيث استقبل صاحب السمو الملكي أمير المنطقة عدداً من المتطوعين واستمع إلى شرح حول البرامج التطوعية في المنطقة وهي برامج واعدة بالمزيد من العطاء. ولا شك أن ثقافة التطوع التي تعنى كثير من الجهات بنشرها وتعميقها خاصةً وسائل الإعلام والجامعات والمدارس هي مكون أساسي ينبغي أن تتكاتف كل هذه المؤسسات ومعها كل مؤسسات وجهات العمل الخيري والتطوعي لجعلها تحتل المكانة التي تستحقها في ثقافة الأفراد جميعًا وفي مقدمتهم الشباب والطلاب ذكوراً وإناثًا. ومما يجعل ذلك أكثر قابلية للتحقيق أن المواطن في بلادنا يحمل بذور هذا العمل الإنساني النبيل، باعتبارها مكونًا رئيسًا لتربيته الدينية والاجتماعية، لا سيما وأنها من صميم القيم التي دعا إليها الدين الحنيف، إضافةً إلى كون الفزعة والشهامة هي من الطبع العربي الأصيل الذي تتوارثه الأجيال. ولعل ذهاب الجامعات إلى جعل قضاء الطالب عدداً محدداً من ساعات التطوع شرطًا للتخرج، وكذلك حث المدارس طلبتها على الأعمال التطوعية، واحتساب ذلك معياراً من معايير الجودة والتميز له أكبر الأثر في تعميم ثقافة التطوع ونشرها ليس ذلك فحسب، بل إن الطلبة والطالبات يكتسبون أثناء أداء العمل التطوعي مهارات عملية واتجاهات سلوكية إيجابية عديدة قد لا تتوفر من خلال الدراسة النظرية، بل تتحقق بالعمل الميداني وفي مقدمتها العمل بروح الفريق والقيادة وتحمل المسؤولية والدقة في الإنجاز وإدارة الوقت ومهارات الاتصال وغيرها من المهارات التي تنمو وتتأصل وتكتسب من خلال هذا الأداء. يبقى أن نؤكد على أهمية أن يكون أداء هؤلاء الشباب للعمل التطوعي أداءً منظمًا قائمًا على التخطيط والمتابعة والتقييم بحيث يحقق الغايات التربوية التي نقصد إليها، وأن يكون تحت إشراف مسؤولين ذوي خبرة في هذا المجال، ولعل قيام كثير من الجهات الاجتماعية والخيرية بتأسيس إدارات للتطوع ووضع أنظمة واضحة ومقننة لعمل هذه الإدارات هو عمل إيجابي وفي الاتجاه الصحيح.. ومع أن ما يتم تحقيقه من إنجازات في مجال العمل التطوعي هي أمور مبشرة إلا أن أهمية هذا العمل والدور المتزايد لمؤسساته وأفراده في المجتمعات يجعل مسؤولية تطويره وتنميته مهمة جليلة تستحق أن يساهم كل فرد فيها بما يستطيع لأن أشكال التطوع متعددة وكذلك حاجات المجتمع وامكانيات الأفراد، ويستطيع كل منا أن يسد ثغرة ويؤدي دوراً بما يتناسب مع قدرات كل فرد وإمكانياته.. يبقى أن نؤكد على أن هذا العمل وأداءه هو عنوان ليس على الإيثار والعطاء فقط، بل هو أيضًا دليل على الانتماء الوطني أيضًا.. بورك الجهد وبورك أهله وإلى مزيد منه -إن شاء الله-.