تشتعل مواقع التواصل الاجتماعية بين الفترة والاخرى مع قضايا ثقافية وفنية ما بين مؤيد ومعارض لما يتم طرحه من أعمال فنية ومواضيع ادبية، كما يصل الخلاف احيانا لدرجة شخصنة الفنان او المثقف والبحث عن اخطاء او زلات في حياته الشخصية لنقد ما يقدمه من منتج فني او أدبي. في هذا الاستطلاع الذي أجري مع مجموعة من مثقفي المملكة والوطن العربي نكشف من خلاله بعض اللبس لدى الجمهور في التفاعل من المنتج الأدبي، الذي يقدمه الفنان والمثقف والأديب. معالج القيم في البداية يرى الشاعر جاسم الصحيح ان الفن سلاح لمحاربة الظلام والجهل والتخلف في المجتمعات الإنسانية، فكل شخص على هذه الأرض يستطيع أن يصقل لنا هذا السلاح ويهيئه لمعركة الإنسان ضد المساوئ والعيوب والقبح فهو فنان، فالفن ليس مطية لأحد، ولا يمكن أن نختزله في التمثيل والدراما، إنه أوسع من كل ذلك في أفكاره ورؤاه، قد يكون الإنسان فنانا دون ان يكون ممثلا، وقد يكون ممثلا ويفشل في ان يكون فنانا. ويضيف الصحيح: الفن هو الوعي بالحياة ومحاولة تطبيب مآسيها بالجمال والذائقة العالية والحب. إنه القيمة العظمى التي تكرس حضور القيم الإنسانية في الشعوب، كما انه عنوان الحضارات البشرية ومصداق وجودها وعدة نضالها ضد الأسباب التي تقودها إلى الانهيار. وحول تناقض المجتمع في رؤاه حين يدين الفن ويتفاعل مع رحيل فنان يعلق الصحيح: أتفق معك فيما تذهب إليه من تناقض المجتمع مع نفسه تجاه الفن، ولكنْ الأخطر من ذلك هو شعور الفنان بأنه رغم كل ما يسعى اليه ويقدمه في خدمة هذا المجتمع، لم يستطع إلى الآن ان يجد مشروعية اجتماعية للفن كقيمة انسانية. الفن هو مرآة المجتمع التي يقف أمامها ويرى عيوبه الصغيرة ناهيك عن الكبيرة، ويحاول التخلص منها. دائما ما يضع الفن المشاكل الاجتماعية تحت مجهر دقيق يقوم بتضخيمها كي تكون واضحة للمجتمع، لكن يحصل ذلك من خلال أسلوب فني يتمخض عن متعة فنية ايضا من أجل ان يكون فنا. إصلاح اجتماعي فيما تؤكد الشاعرة والناقدة والباحثة المغربية فاطمة بوهراكة أن الدور الأساسي للفن هو بثر الاعوجاج الاجتماعي والاخلاقي قبل حدوثه على أرض الواقع، وقالت: المبدع الفنان أو متتبع الفن الراقي لا يمكننا أن نراه شخصية غير سوية متعطشة للدم والدمار بل العكس صحيح، المبدع الفنان تجده شخصية مرهفة الحس مؤمنة بالعدالة والمحبة الانسانية بدل التطرف، وعدم احترام الاختلاف الطبيعي في الحياة فلولا الاختلاف ما كانت هناك متعة في الحياة رغم قساوتها في بعض الاحيان. وحول وجود تناقض في النظرة الاجتماعية للفن تقول: إن المجتمع العربي مجتمع التناقضات بامتياز، هم لم يتناقضوا في كلامهم عن الفن وممارسته من قبل الابناء بل متناقضون ايضا في حبهم للفنان في حياته وبعد وفاته، حيث نجد هالة من التقدير والتبجيل لبعض الفنانين الراحلين لن يتحصلوا عليها لو عادوا للحياة مرة اخرى، وفي نفس الوقت قد نجد موقفا من البعض يعادي بطريقة فجة الفنان الراحل لاسباب لا تعدو كونها مرضا نفسيا. رسالة إنسانية المخرج السينمائي البحريني محمد حسين: يعتبر الفن حالة معبرة عن حالات إنسانية من الممكن ان تكون عامة وتكون خاصة بمجتمع معين، الفن لكل الإنسانية دون أدلجة، اما من يريد اقحامه ايدلوجيا او قوميا فمصيره الفشل، وللأسف الكثير من المجتمعات لا تمتلك الوعي بأهمية الفن، حيث إن تصنيف الفنان الى جهة معينة هو دليل على انغلاق بعض المجتمعات،، لذلك يبقى الفن دائما ما يركز على الجوانب والقضايا الإنسانية العامة، فيما يستحق الشخص القادر على إبراز الحس الإنساني لقب فنان سواء كان وسيلته المسرح او شاشة التلفزيون او اي عمل فني. قضايا جوهرية فيما يقول القاص حسن البطران: إن الفن رسالة أيًا كان مجاله، تصل إلى المتلقي وتحمل مضمونا، والفن الدرامي كغيره من الفنون فيه إبداع عميق، وفي ظني هي رسالة ذات وقع اكثر من بقية الرسائل الأخرى، فيها حركة وصوت ورؤية واثرها فاعل جدا، فيما تفقد المصداقية حينما تفتقد للمضمون، وهو ما يؤدي لرمي المجتمع للهاوية، خصوصا عند المبالغة في وصف تصرف سلوك شاذ عن المجتمع وإعطائه اكبر من حجمه في الأعمال الفنية والأدبية. وأضاف: نأمل أن يتبنى العمل الدرامي قضايا جوهرية تزيح بعض الغبار عن المجتمع وتسير به نحو النور، لان الدراما فن ورسالة بها مضمون ويجب ان يكون هذا المضمون نقيا وطاهرا بعيدا عن النقيض.