في حديثه لصحيفة «نيويورك تايمز» كان ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان واضحًا وحاسمًا في موضوع مكافحة الفساد في المملكة. هذا الموضوع الذي تعاملت معه بعض وسائل الإعلام الدولية وكأنه يخص دولها وشعوبها أكثر مما يخص السعوديين. نفى سمو ولي العهد بشكل قاطع وقلل من كل التفسيرات، التي ذهبت بعد هذا الإجراء إلى التشكيك في استقرار النظام في المملكة كما حدث في بعض التحليلات الغربية، أو تمني زعزعة هذا النظام، كما حدث بالذات من العرب الموالين لإيران في لبنان وقطر!! كان هناك بالفعل ردة فعل غريبة وغير متوقعة على هذه الخطوة السعودية التاريخية لمحاربة الفساد واجتثاث الفاسدين، إلى درجة أن كثيرين خارج المملكة حملوا على عاتقهم الدفاع عمن قبض عليهم، وكأنهم لا يريدون فعلًا للمملكة أن تصحح مساراتها، أو أن تطلق مسيرة إصلاح حقيقية ناجزة تجعل منها دولة قوية تمسك بفروض وشروط المعاصرة. وهذا ما فهمه الصحفي الأمريكي توماس فريدمان، الذي أجرى هذا اللقاء وكتب رأيه على هوامشه، فهذا الصحفي، الذي تابعته منذ سنوات طويلة، يتمتع بمصداقية عالية وليس له صديق إلا القارئ، الذي يمحضه ثقته ويعطي اعتبارًا كبيرًا لما يكتب. وقد اعتبر فريدمان أن محاربة الفساد على هذا المستوى المتقدم في المملكة، بالإضافة إلى محاربة التطرف، هي بمثابة ربيع سعودي خاص بدأ من القمة وليس من القاعدة كما حدث في بلدان عربية أخرى. وقال بالحرف إن مَنْ لا يقف مع هذا الربيع السعودي الخاص أحمق، ليس فقط بسبب نتائجه المنتظرة في السعودية بل نتائجه المنتظرة في العالمين العربي والإسلامي كلهما. أي أن الأثر الإصلاحي السعودي، وهذا كلامي أنا، لا يؤتي ثماره فقط للسعوديين بل يشمل نتيجة العدوى الحميدة كل العرب وكل المسلمين. لقد كنّا ننتظر أن يفهم العالمان العربي والإسلامي ذلك. وقد فهمه مَنْ فهمه وتعامى عنه مَنْ تعامى عنه، وربما انتظر البعض مجيء صحفي أمريكي ليقنعه به. وما يهمنا أن بلادنا انطلقت ولا مكان أو عزاء للمتربصين، لا في الداخل ولا في الخارج.