لم يشهد العالم العربي مثل ما يشهده اليوم من فرقة وتبادل للاتهامات والشتائم، ليس فقط بين المحللين والنقاد، بل حتى بين الشعوب، التي وجدت نفسها في جوهر أزمات المنطقة. هكذا أرادت الدول الكبرى حينما ابتدعت كذبة الربيع العربي، الذي جر معه الخراب والدمار لكثير من الدول والشعوب العربية. فتحول المواطن العربي في غفلة من الزمن إلى لاجئ ومشرد ومهان. وقبل هذا الخريف المفجع كانت إيران تجر المنطقة من حرب إلى حرب ومن أزمة إلى أزمات، عبر ميليشيات زرعتها ودربتها ومولتها، في أكثر من بلد عربي، ناهيك عما زرعته من فتنة بين المسلمين عازفة على وتر الطائفية، ومستغلة بعض الشباب من ذوي النزعات الإرهابية، فاستضافت إرهابيي البحرين ولبنان وعصابات القاعدة بعد خروجهم من أفغانستان، وأمنت لهم ولأسرهم الملاذ الآمن، ودعمتهم من جديد بما يحتاجونه لممارسة هواياتهم في القتل والإرهاب والفساد. هذه الدولة المارقة، تقول إنها تدير القرار في أربع عواصم عربية، بلا خجل أو وجل، ووسط صمت مطبق ممن أزعجونا طيلة عقود بعروبتهم، التي اتضحت بأنها مزيفة، فمصالحهم لا تختلف عن مصالح طهران الفارسية التي لم تكره شيئا في تاريخها ككرهها لكل ما هو عربي. في وسط هذه الشواهد، التي تؤكد أن إيران دولة عدوة، همهما الأول والأخير الهيمنة والسيطرة ليس فقط على القرار العربي، بل على نهب ثروات تلك الدول، كما يحدث الآن من سيطرة اقتصادية على سوريا. فهذا حلمها وحلم قادتها على مر العصور. لم تتحرك الكثير من الدول العربية ضد إيران رغم وضوح الصورة ورغم تصريحات مسؤوليها التي أشرت إليها. مؤلم أن يبقى صمت القبور العربي تجاه تلك التجاوزات الإيرانية، والأكثر إيلاما استمرار هذا الصمت حتى بعد أن هوجمت عاصمة العرب وخادمة الحرمين الشريفين بصاروخ باليستي لا يمكن لعصابة الحوثي القيام به. اليوم تجتمع جامعة الدول العربية بطلب من المملكة، وسننتظر ماذا سيصدر عنها، فإن كان قرارها سلبيا تجاه ما يحدث من العدو الإيراني فلنقل عليها -رحمة الله-، فلقد ماتت وليس للميت صوت أو منه رجاء.. ولكم تحياتي