تتجه أنظار العرب قاطبة غدا الأحد إلى مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة، التي تشهد اجتماعا طارئا على مستوى وزراء الخارجية بناء على طلب من المملكة لبحث انتهاكات إيران وتدخلها في شؤون عدد من الدول العربية، إضافة إلى دورها في مد ميليشيا حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن والنظام السوري بالأسلحة والصواريخ الحديثة، وبحسب تصريحات مسؤولين وخبراء في الشأن السياسي تحدثوا ل«اليوم»، فإن «بيت العرب» بات على المحك لتحقيق التفاف عربي ووضع حد للممارسات الإيرانية، التي باتت تشكّل تهديدا كبيرا للأمن القومي لدول المنطقة. وقال سفير المملكة لدى مصر ومندوب المملكة الدائم لدى جامعة الدول العربية السفير أحمد قطان: إن «المملكة وجهت دعوة إلى كل وزراء الخارجية العرب من أجل عقد اجتماع عاجل بالقاهرة لبحث كيفية التصدى لتدخلات إيران في شؤون الدول العربية في الفترة الأخيرة». وأضاف السفير قطان: إن «الدول العربية تعاني من المحاولات الإيرانية للتدخل في شؤونها الداخلية، وهو أمر مرفوض شكلًا ومضمونًا، لذلك لا بد من عقد اجتماع عاجل حتى تتحد الدول العربية لوضع حد للتدخلات الإيرانية». دولة مارقة وشدد سفير المملكة لدى مصر ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية السفير أحمد قطان على أنه من حق الشعوب العربية أن تعيش بأمن وسلام دون أي تهديدات داخلية أو خارجية، ولكن ما تفعله إيران هو أمر مخالف لذلك تمامًا، لذلك فإن المملكة لن تقف وتشاهد هذا الأمر دون أن تفعل أي شيء، لذلك فإن الاجتماع سوف يضع حدًا للعبث الإيراني في الدول العربية، خاصة داخل اليمن. ووصف مندوب المملكة لدى جامعة الدول العربية إيران بالدولة المارقة التي تثير الفتن بشكل فاضح في الوطن العربي، مطالبا الجميع بأن يدرك خطورتها، خصوصا مؤامرتها على دول الخليج، مشيرا إلى أن آخر ما تفكر فيه المملكة هو التعدي على حدود أي دولة عربية أو خوض حرب، وما يؤكد ذلك هي المواقف السعودية لحماية أمن واستقرار دول الخليج من الأطماع الإيرانية. لافتا إلى أن المملكة لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء التهديدات الإيرانية، كما اعتبر أن الأمن السعودي «خط أحمر»، وحماية الأماكن المقدسة والحدود واجب مقدس. رؤية عربية من جهته، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري: إن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي يؤكد دوما دعم بلاده الكامل وتضامنها مع المملكة في مواجهة التحديات، فضلا عن حرصه على تعزيز آليات التنسيق والتشاور من أجل وضع رؤية عربية مشتركة تحافظ على مقدرات الدول العربية واستقرارها وعلى الأمن القومي العربي بكل أبعاده. وشدد شكري على موقف مصر الثابت بشأن أهمية الحفاظ على التضامن العربي في ظل التحديات التي تشهدها المنطقة، وكذلك دعم مصر لأمن واستقرار منطقة الخليج باعتباره جزءا لا يتجزأ من الأمن القومي العربي والمصري. مؤكدا إدانة مصر البالغة للاعتداء الذي تعرضت له المملكة مؤخرا من قبل ميليشيا الحوثي بمحاولة استهداف العاصمة الرياض بصاروخ باليستي. وعن الدور الإيراني بالمنطقة قال شكري: «مصر ترفض التدخلات الإقليمية من خارج النطاق العربي لزعزعة استقرار الدول العربية والتدخل في شؤونها الداخلية، كما تؤكد أهمية تجنيب المنطقة أية توترات تزيد من حالة عدم الاستقرار والاستقطاب التي تشهدها حاليا». تصعيد خطير ويرى خبير الحركات الإسلامية مصطفى حمزة أن إيران سعت من خلال أذرعتها في المنطقة العربية إلى محاولة التدخل في شؤون عدد من الدول، وبدون شك نجحت في لبنان عن طريق حزب الله الذي صار له دور مؤثر في سياسة لبنان الخارجية بعد أن تمكن من فرض وجوده على الصعيد الداخلي، وهو ما يعد تجاوزا وتدخلا خطيرا بشؤون بلد عربي. ونوه حمزة إلى أن مواجهة حزب الله لا بد أن تعتمد على إستراتيجية شاملة، تبدأ بالمواجهة الفكرية التي تسير جنبًا إلى جنب مع الرد العسكري على أي تهديدات لدول الخليج، بحيث تتضمن هذه المواجهة تفنيد الأفكار العقائدية، التي تزعم التدين في وقت ترتبط فيه هذه العقيدة بالإرهاب. وأكد حمزة ضرورة تجفيف منابع الدعم المالي للجماعات الإرهابية والمتطرفة في المنطقة العربية، الذي يتدفق من منافذ عدة أبرزها إيران، وهو ما يتطلب مزيدا من الجهد لكشف مؤامرات طهران بالمنطقة، وأهدافها الحقيقية بتدمير الجيوش العربية أو تحويلها إلى جيوش طائفية حتى تنقسم على نفسها وتتفكك ذاتيًا وتنشب حروب أهلية، مما يحافظ على تماسك إيران في محيط مضطرب من ناحية، ويحافظ على أمن إسرائيل من ناحية أخرى، ولذلك يجب كشف العلاقة المشبوهة بين حزب الله وإيران وإسرائيل. دور المملكة وثمّن حمزة دعوة المملكة لاجتماع طارئ غدا الأحد بالجامعة العربية عقب اكتشاف تزويد إيران الميليشيا الحوثية التابعة لها بالصواريخ، مؤكدا أن المملكة لن تسمح بتهديد أمنها القومي وحدوده، وبالتالي من حقها الرد على انتهاكات النظام الإيراني، معربا عن دهشته من وصف إيران الرد السعودي بالمستفز والهدّام، في وقت تدبر فيه طهران المؤمرات والفتن لتدمير وحدة الوطن العربي. بدوره يشير الخبير في الشؤون الإيرانية عباس ناجي إلى أن التصعيد الإيراني في المنطقة العربية بات خطيرا، خصوصًا بعد محاولات استهداف المملكة بصاروخ باليستي، ما يتطلب موقفا عربيا موحدا ضد تدخلات طهران، لافتا إلى أن الاجتماع الطارئ بالجامعة العربية غدا لا بد أن يخرج بإجماع عربي لردع إيران بعد دورها في تأجيج الموقف في لبنان والتهديد عن طريق ميليشيا حزب الله باغتيال رئيس الوزراء سعد الحريري، فضلا عن ثبوت ضلوعها بتزويد ميليشيا الحوثيين بصواريخ متطورة، متوقعا أن يكون رد الفعل الإيراني على الحشد العربي «متشنجا» عبر تصريحات تتضمن تهديدا ووعيدا دون أي تحرك رسمي كعادة مواقف طهران الأخيرة. #مواقف رادعة# من جانبه، طالب خبير العلاقات الدولية د.أيمن سمير الدول العربية بألا تكتفي ببيانات الشجب والإدانة، حيث يتوجب عليها اتخاذ مواقف صارمة تتضمن قرارات رادعة، من أهمها توجيه تحذير لدولة لبنان بضرورة تقليم أظافر ميليشيا حزب الله، لاسيما بعد أن تكشفت خيوط عدد من المؤامرات، التي تحاك ضد العرب، كان لهذه الميليشيا دور مهم فيها، إضافة إلى ضرورة اتخاذ الموقف ذاته في اليمن ضد ميليشيا الحوثيين. وشدد سمير على أن الانتهاكات الإيرانية الأخيرة تتطلب موقفا عربيا موحدا، وقد أحسنت المملكة بالدعوة غدا لاجتماع طارئ بالجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية؛ لأن الصمت على هذه الخروقات، سيزيد من خطورة الدور الإيراني بالمنطقة، إذ إنها تطمع إلى التواجد في دول أخرى في حال تمكنت من بسط نفوذها في اليمن، منوها إلى أن من أهم الأحلام الإيرانية استنساخ صور جديدة لميليشيا حزب الله في دول عربية أخرى. بدوره أوضح الخبير في الشأن السياسي السفيرعادل الصفتي أن توقيت دعوة المملكة لهذا الاجتماع جاء في الوقت المناسب في ظل الاضطرابات والفتن التي تثيرها إيران بالمنطقة، كان آخرها إطلاق صاروخ باتجاه الرياض. وطالب السفير الصفتي بإجماع عربي والتفاف غير مسبوق ضد الانتهاكات الإيرانية؛ من أجل حفظ أمن واستقرار الوطن العربي، محذرا من أن الأزمة الراهنة خطيرة وتتطلب مواقف رادعة تحاكي قرار وزراء الخارجية العرب بإدراج حزب الله تنظيما إرهابيا خلال اجتماع لهم في مارس 2016؛ على خلفية الاعتداء الذي طال السفارة السعودية في طهران، ما يعني أنه حان الوقت لإجماع عربي حقيقي ضد المؤامرات الإيرانية، التي لم يعد من الممكن السكوت عنها. السفير عادل الصفتي السفير أحمد قطان د. أيمن سمير محمد عباس ناجي د.مصطفى حمزة