الأزمة الدبلوماسية بين السعودية ولبنان ليست وليدة استقالة سعد الحريري في الرابع من نوفمبر، فقد بدأت بوادر الأزمة بعد انقلاب الحوثيين في اليمن وثبوت تمويلهم من قبل حزب الله بالمال والعتاد والدعم اللوجيستي والاستخباراتي. كلنا نعرف أن الحزب عبد مأمور، ونعرف أيضا أن الشاطر حسن أبدع في كشف إيران الشريفة وحلفائها المحسوبين على الخليج باعتبار «موازنة حزب الله ومعاشاته ومصاريفه وأكله وشربه وسلاحه، وصواريخه من الجمهورية الإسلامية في إيران»؟ مقوضا بذلك كيان الشيعة العرب المسلمين «كرمال» الصفوية الفارسية. وهذا يضع لبنان في مواجهة إيران التي يفترض ألا تمول حزبا في دولة أخرى، وعلى أية حال هذا شأن اللبنانيين الداخلي. بدأت الأزمة منذ ما يقارب العام والنصف، بعد قرار السعودية بوقف المساعدات العسكرية للجيش اللبناني، وقدرها ثلاثة مليارات دولار، تعقيبا على موقف وزير الخارجية جبران باسيل في اجتماع جامعة الدول العربية، والذي رفض إدانة الاعتداء على السفارة السعودية في إيران. وانتشار تسجيلات عن ضلوع عناصر من الحزب بالتحضير لعمليات إرهابية في السعودية وتقويض جهود إعادة الأمل في اليمن. كل عربي يتطلع لاجتثاث حزب الله من لبنان؛ لأنه يد إيران في المنطقة العربية التي ثبت ضلوعها في الحروب والجرائم وتغيير الديموغرافية البشرية في العديد من الدول، وليس للحصر، فهم من دمروا سوريا ثم أشرفوا بأنفسهم وعلانية على حماية تنقلات الدواعش في سوريا والعراق ليثبت للمجتمع الدولي أن الدواعش وحزب الله جزء من كينونة واحدة، في معاكسة صريحة لتهمة أن «الدواعش نتاج للوهابية»، الدواعش الذين فجروا المؤسسات المدنية والدينية والأفراد في السعودية، ولم نسمع عنهم في لبنان ولا إيران، وليكونوا فص ملح وذاب وعلى أهبة الاستعداد للتدمير مرة أخرى مع أقرب ضغطة زر إيرانية شريفة. بكاء الرئيس خوفا من عقوبات إضافية على لبنان لا يكفي أمام مواقف القيادات اللبنانية المتناقضة، ولا يشفع ل 350 ألف مقيم لبناني يحولون سنويا 4.5 مليار، واستثمارات لبنانية في السعودية تجاوزت 13 مليارا، ومؤسسات في السعودية بقيمة 125 مليارا، ووظائف وإعانات وقروض كلها بالعملة الصعبة وخلونا ساكتين.