قد يتبادر لذهن البعض تساؤل عن مدى فائدة وأهمية تغيير «الرؤية» و«الرسالة» و«الشعار» لأي منظمة، كما حصل مؤخرا للجمارك السعودية! بل وقد يشكك البعض بأن هذا التغيير فيه هدر للموارد. وللإجابة عن هذا السؤال دعونا في البداية نحاول سويا فهم بعض الأمور. تكمن أهمية «الرؤية» في أنها تحدد الوضع الأمثل المطلوب في المستقبل، وتصف الصورة الذهنية لما تريد المنظمة تحقيقه مع مرور الوقت. كما توفر مصدر إرشاد وإلهام لما يجب التركيز عليه وتحقيقه في المستقبل، وهي ما يفهمه جميع الموظفين ويترجمونه بأفعالهم اليومية لتحقيقها. ويجب كتابتها بإيجاز وأن تكون ملهمة وسهلة الاستيعاب والحفظ من قبل الموظفين والعملاء. أما «الرسالة» فهي تحدد الوضع الحالي والغرض من وجود المنظمة، وتقوم بالإجابة عن ثلاثة أسئلة: ماذا تعمل؟ ولمن؟ وكيف تقوم بالعمل؟ وعادة ما تتم كتابتها بإيجاز، ولكن بشكل أطول من الرؤية، وتستهدف الفترة المتوسطة المدى. ومن المهم أن تكون قابلة للفهم لدى الموظفين ويستطيعون ربطها بما يقومون بعمله. وتكمن أهمية وجود الرؤية والرسالة في تعزيز ثقافة العمل بوجود رؤية محددة، ينتج عنها تحسين عملية صنع القرار، وتوثيق العلاقة بين كافة قطاعات المنظمة من خلال الفهم المشترك للأولويات. لذا فإن عدم وجود رؤية ورسالة محددة بوضوح يحد من فرص نجاح المنظمة، ويضر بالموظفين! وللشعار أيضا أهمية، فهو يعطي انطباعا أوليا عن المنظمة، ويجذب الزبائن والعملاء، ويميز المنظمة عن غيرها من المنافسين، ويحافظ على الولاء، ويبني ثقة واحترافية، ويعطي انطباعا عن هوية المنظمة، ويبث روحا إيجابية لدى الموظفين والعملاء. وللإجابة عن السؤال الرئيس: إن المنظمات تقوم بإعادة النظر وتعديل هويتها (الرؤية، الرسالة، الشعار) لعدة أسباب منها: عدم الوضوح، عدم وجود ارتباط بينها وبين ما تقوم به الشركة، أيضا تغيير الخطط طويلة المدى، وعند وجود حالة ملحة للتغيير. وأقصد بالعبارة الأخيرة، أن القائد يجب أن تكون له رؤية واضحة وخطط محددة لتحقيق أهداف المنظمة وبخاصة عند وجود تغيير كبير، ولذا يلجأ إلى إحداث تغيير شامل بشرط أن يكون ذا ملاءمة وتناسق على كافة الأصعدة. ولقد أوضح مدير عام الجمارك السعودية أحمد الحقباني أن تغيير الهوية ليس الهدف بحد ذاته، ولكن التغيير هو لتحقيق رؤية 2030. وهنا يجب أن أشيد بفعل هذا القائد الشاب والتغييرات التي أحدثها لبث روح جديدة في هذه المنظمة المهمة للوطن. إن الجمارك السعودية ركن حيوي ومهم لاقتصاد هذا الوطن، وله ارتباط وثيق في رؤية 2030 بجعل المملكة مركزا لوجستيا عالميا، وهذا يتطلب استحداث تغييرات جذرية، وليس شكلية، في كافة عمليات التشغيل اللوجستية، وتطبيق مبدأ التشغيل المرن لإزالة كافة أنواع الهدر للموارد وتعزيز الكفاءة. ولقد رأينا قصص نجاح سابقة في القطاعات المشابهة لدى الدول الأخرى مثل الإمارات وسنغافورة ونيجيريا. وكلي ثقة في كفاءة قادة هذا القطاع ومنسوبيه بأن يصنعوا نجاحا جديدا في أقرب وقت بإذن الله. وأجد في هذا المقال فرصة لتحية قائد هذا القطاع الحيوي لما أحدثه من تغييرات إيجابية، وأحيي كذلك رجال الجمارك الأبطال، الذين نفخر بهم ونعتز بجهودهم. فهم يساهمون بشكل مباشر وحيوي في تنمية اقتصاد الوطن، كما أنهم يقومون بعمل عظيم بحماية هذا الوطن من المخدرات. حفظ الله وطننا من كل شر وأدام عليه الأمن والأمان والرخاء.