كشف مختص ل«الجزيرة» عن خمسة تحديات تواجه صناعة الخدمات اللوجستية في المملكة، لافتا إلى أن ما يجعل هذا القطاع مهماً للمملكة هو موقعها الاستراتيجي الذي يربط بين آسيا وأوروبا، مما يجعل ميناء جدة الإسلامي وميناء الدمام على سبيل المثال حلقة وصل بين الشرق والغرب، وهذه ميزة تنافسية تفتقدها معظم دول الخليج، حيث إنها ستوفر على شركات الشحن ما يقارب 800 ألف دولار للسفينة القادمة من أوروبا لتفريغ البضائع في موانئ دول الخليج. ومن المعلوم أن صناعة الخدمات اللوجستية هي عبارة عن علم إدارة تدفق الموارد المختلفة كالبضائع، والطاقة، والمعلومات، والخدمات البشرية المختلفة من منطقة الإنتاج وحتّى منطقة الاستهلاك، حيث إنّه من الصعب القيام بأية تجارة عالمية أو محلية سواء كانت استيراداً أم تصديراً دون دعم لوجستي. وتشمل الخدمات اللوجستية عدّةَ أنشطة ومنها، النقل والجرد والتخزين والتغليف والتوزيع. وتكمن أهمية الخدمات اللوجستية الاحترافية في توفير المنتج النهائي أو مواد الخام في الوقت والسعر المناسب، كما أن لأهمية هذا القطاع فإن البنك الدولي يصفه بأنه العمود الفقري للتجارة العالمية. قال خالد عبدالله البواردي الرئيس التنفيذي لشركة تاد للخدمات اللوجستية، إن أحد أهداف رؤية 2030 أن تكون المملكة منصة لوجستية وأن تتقدم من المرتبة 49 إلى 25 عالمياً والأول إقليمياً، ولكن ما هي الخدمات اللوجستية وما أهميتها لتكون من أهداف الرؤية، وما هو الوضع الحالي لهذا القطاع في السعودية وكيف نصل للهدف المنشود؟ وتابع: إن أكبر المشكلات التي يعانيها هذا القطاع في المملكة هي إجراءات التخليص الجمركي والتأخير الحاصل، حيث إنه وبحسب البنك الدولي فإن متوسط عدد أيام تخليص الحاوية في عام 2014 تسعة أيام، بينما في دبي يومين. وتتمثل المشكلة الثانية في عدم توافر قطار لنقل البضائع بين ميناء جدة وميناء الدمام وميناء الجبيل والميناء الجاف في الرياض، أما المشكلة الثالثة فهي الحاجة إلى تطوير الموانئ وسرعة التنزيل والتحميل للسفن وزيادة عمق المياه لتتمكن الموانئ من استقبال السفن الكبيرة وتوفير مناطق حرة لإعادة التصدير، فيما تتمثل المشكلة الرابعة في عدم توفر أراضي ومناطق لوجستية مخصصة للشركات اللوجستية وبأسعار منطقية في الموانئ أو مجاورة لها، والمشكلة الأخيرة هي أن النظام لا يسمح بإنشاء شركات خدمات لوجستية تقدم الخدمات اللوجستية كافة للعميل مثل باقي الدول المتقدمة لوجستياً، بمعنى أن الشركات في المملكة إما أن تكون ناقلا أو مخزنا أو مخلصا أو مستوردا ولا يحق لك الجمع بين بعض هذه النشاطات، مما يعني أنه من المستحيل تطوير هذا القطاع في السعودية بدون تغيير هذه الأنظمة القديمة التي مضى عليها عشرات السنين. الشركات وشروط الترخيص وأشار البواردي إلى أن الشركات التي تعمل في مجال خدمات لوجستية يجب أن تقدم الخدمات كافة تحت سقف واحد، بحيث لا يحتاج المستورد أو المصدر إلى التعامل مع أربع جهات للحصول على الخدمة، لذا يجب أن يسمح النظام للشركات اللوجستية بأن تكون مخلصا جمركيا وناقلا ومخزنا وموزعا ووكيل شحن جوي وبري ومستوردا، كما يجب تطوير خدمات التخليص الجمركي لتصبح إلكترونية لتسريع عملية التخليص. كذلك تسهيل الحصول على ترخيص تخليص جمركي، حيث إن من شروطه أن يقوم مالك الشركة اللوجستية بالحصول على دورة مدتها أسبوعين في التخليص الجمركي ودورة في الحاسب الآلي ولا يسمح له الجمع بين التخليص والاستيراد أو التجارة، وحسب إفادة بعض المخلصين تحتاج من 6 إلى 8 أشهر للحصول على هذا الترخيص، لذا من شبه المستحيل أن تحصل عليه شركة لوجستية، بينما في دبي إذا كان لديك شركة لوجستية تقوم بتسجيلها لدى الجمارك وتفويض أحد الموظفين وخلال أسبوع تستطيع ممارسة التخليص الجمركي. القطاع والتجارة المحلية والدولية ونوه البواردي إلى أهمية قطاع الخدمات اللوجستية الكبيرة لأي اقتصاد، حيث إنه يساهم في تطور التجارة المحلية والدولية وزيادة تنافسية الدول، ويوظف ما نسبته 15 إلى 20 في المائة من القوى العاملة في بعض الدول المتقدمة، ففي دبي على سبيل المثال لمدينة متقدمة لوجستياً، فيتوقع أن تبلغ مساهمة القطاع التجاري واللوجستي ما نسبته 50 في المائة من الناتج المحلي في عام 2025، كما أن نشاط النقل والتخزين والاتصالات ساهم ب15.8 في المائة في الناتج المحلي، وكانت مساهمة القطاع البحري في الناتج المحلي الإجمالي لإمارة دبي خلال العام 2015، تصل إلى 26.9 مليار درهم أي ما يعادل نسبة 7 في المائة. وتابع: وإذا أخذنا أستراليا كمثال لأهمية هذا القطاع لأن عدد سكانها مقارب للمملكة حيث يبلغ عدد سكانها 24 مليون بينما السعودية 31، نجد أن القطاع اللوجستي، وبحسب تقرير Australian Logistics Council لعام 2014، يساهم في نسبة 8.6 في المائة من الناتج المحلي ويضيف 131 مليار دولار لاقتصاد البلد في عام 2013، وتقدر أستراليا بأن أي زيادة بنسبة 1 في المائة في إنتاجية هذا القطاع تضيف للناتج المحلي 2 مليار دولار. ووفق تقرير كاميلوت الذي نشر في صحيفة «الجزيرة» بعنوان «دول الخليج الرابح الأكبر من عدم كفاءة الموانئ السعودية»، فقد ذكر أن الناتج المحلي الإجمالي مرتبط مباشرة مع حركة الحاويات، حيث إنه كلما زادت التجارة البحرية، فمن المتوقع زيادة كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي. وبنظرة سريعة إلى حجم الواردات للمملكة في شهر سبتمبر 2016، قال: نجد أن دولة الإماراتالمتحدة وبسبب جبل علي في دبي، هي في قائمة أهم 10 دول للواردات ومرتبتها الثالثة بعد الصين والولايات المتحدةالأمريكية وقبل اليابان وألمانيا وكوريا والهند، حيث بلغت الواردات من الإمارات الشقيقة نحو 25 مليار ريال سنوياً بواقع 1.76 مليون طن تقريباً، وهذا يعني أن الكثير المنتجين في العالم الذين يصدرون للمملكة يقومون بإرسال بضاعتهم إلى ميناء جبل علي، ومن ثم يتم تصديرها إلى السعودية براً وهذا أسهل وأوفر لهم من إرسالها إلى السعودية مباشرة مما يعني خسارة موانئ السعودية مليارات الريالات سنوياً لصالح الموانئ المجاورة. قطاع الخدمات اللوجستية المحلي أما بالنسبة لوضع هذا القطاع في المملكة، لفت البواردي إلى أن البنك الدولي يصفه في مؤشر أداء الخدمات اللوجستية LPI بأنه متدنٍ وبمعدل تراكمي 3.16 من 5، أي بنسبة 63 في المائة، وهذا المؤشر يقيس ستة عناصر رئيسية وهي الجمارك التي كانت الأقل تقيماً وأثرت سلباً، ثم البنية التحتية وتشمل القطارات والطرق والموانئ، أسعار الشحن والنقل، متابعة الشحنات لحظياً، وأخيراً الوقت أو الجدول الزمني للشحنات. ويأتي ترتيب المملكة في هذا المؤشر في المرتبة 52 بعد أن كنا في المرتبة 49 في عام 2014 و41 في عام 2007، أي أن هذا القطاع يتراجع في المملكة إلى الوراء. وشدد على أن هناك خسائر كبيرة بسبب تأخر الخدمات اللوجستية في المملكة، وتطويرها يعني وفي المقام الأول إيقاف النزيف والخسارة الحالية للاقتصاد، وثانياً الاستفادة من الفرص الضائعة بسبب عدم استغلال موقع المملكة الاستراتيجي والبنية التحتية القائمة، ليس هذا فقط ولكن هناك أيضاً فائدة غير مباشرة لتطوير هذا القطاع ألا وهي تقليل عدد العمالة الوافدة في قطاع الصناعة والتجزئة. والسبب في ذلك، أن الشركات والمصانع في الوقت الحالي تضطر إلى بناء مستودعات خاصة بها وتوظيف ما لا يقل عن 20 إلى 100 موظف فقط للخدمات اللوجستية داخل الشركة، بينما لو تم تطوير القطاع فإن شركة لوجستية ب50 موظفاً تستطيع أن تخدم 300 إلى 500 شركة ومصنع، «إذاً هناك هدر مالي وبشري كبير»، ونوه البواردي إلى أن هناك ورشة عمل لتطوير هذا القطاع يقودها المجلس الاقتصادي الأعلى بدأنا نرى بوادرها رغم أنها لم تُخدم إعلامياً، ولكننا على أمل أن نرى نتائجها سريعاً وأن تكون بحجم التطلعات وأن تجعل المملكة الأول إقليمياً في هذا القطاع.