شاركت ذات يوم في ملتقى علمي بإحدى المحافظات، وفي صباح اليوم الثاني بدأ المطر يهطل تدريجياً فأضاف جمالاً لذلك اليوم. ولكن، وبعد دقائق من نزول المطر فر الجميع من القاعة عدا بضعة نفر من خارج المحافظة مما أجبر المنظمين على إيقاف البرنامج. وعندما خرجت لاحقاً، فإذا بالطريق الأمامي تحول إلى بحيرة تعوم بها السيارات، ففررت مع الباقين من الخلف في رحلة رعب لم أشهدها في حياتي قط أعتقد أنه كتب لي فيها عمر جديد. أيام قليلة تفصلنا عن موسم المطر الذي نستبشر بقدومه ونخرج مهللين عند هطوله، ونردد فرحاً اللهم زد وبارك، إلا أن المشاعر أحياناً تتغير، وإلى الخوف تتبدل، والدعوات تتحول إلى «اللهم سلم سلم»، سيول جارفة، بحيرات واسعة، إشارات ضوئية مطفأة، أنفاق وشوارع غارقة وغيرها من الظواهر التي تحدث خلال سويعات من نزول قطرات مطر والرابح الأكبر «تعليق الدراسة». لا شك أن المؤسسات الحكومية المعنية من أمانات ومرور وغيرها تعمل بشكل دؤوب لعلاج تلك المشكلات بكامل طاقتها، وما نحتاجه حقاً تطوير آليات العمل التي ما زالت نتائجها متقاربة وترهق ميزانية الدولة وتؤثر سلباً على اقتصادها خاصةً في ظل مشاريع الطرق والصيانة المتعثرة وكذلك الحاجة لمشاريع جديدة لتحسين البنية التحتية بعد تلك الظواهر. وهنا تكمن أهمية تفعيل إدارة المخاطر برسم السيناريوهات المحتملة ووضع الإجراءات الوقائية قبل حدوثها حتى لا يكون المبرر بعد الكارثة «فاجأنا المطر». أنا لا أتحدث عن الإجراءات الفنية والهندسية فلها مختصوها والأصل في المشاريع أن تكون ذات جودة عالية تراعي كافة الظروف والظواهر. كما أن هناك حلولا متعددة لتخفيف الأضرار عند ارتفاع منسوب الأمطار، وخاصة تلفيات المركبات التي تضغط على مدخرات الأفراد وكذلك قطاع التأمين، منها حصر كافة المواقع المحتمل تجمع المياه فيها كالأنفاق والأماكن المنخفضة، ومن ثم إغلاقها مع بدء نزول المطر وفتح خطوط بديلة. كما لا نغفل أهمية دور الفرق التطوعية التي يمكن تدريبها وتوزيعها على المواقع للمساهمة في إدارة الأزمات بكافة الأدوار الممكنة. ختاماً أؤكد على أهمية إعداد خطة عمل شاملة ومبكرة بتشارك الأمانات والبلديات والمرور والدفاع المدني والهلال الأحمر ومصلحة المياه والأرصاد، وغيرها لإدارة موسم الخير ومنع الكوارث البشرية والخسائر المادية وتلافي طرح مشاريع إعادة التأهيل التي تؤثر على رحلة التنمية الاقتصادية الوطنية، وليستمر الدعاء... اللهم زد وبارك.