حملت الاممالمتحدة أمس الأول بوضوح نظام بشار الأسد مسؤولية الهجوم بغاز السارين، الذي تسبب بمقتل أكثر من ثمانين شخصا في بلدة خان شيخون في شمال غرب سوريا أبريل المنصرم، في وقت أكدت واشنطن أنه لا مستقبل للأسد في سوريا. وطغى التقرير الدولي والتصريحات الامريكية على الاعلان، الذي صدر الخميس عن جولة جديدة من المحادثات بين ممثلين للنظام والمعارضة السورية في جنيف بهدف تسوية النزاع المستمر منذ ست سنوات. وخلُص الخبراء إلى أنّ نظام الأسد مسؤول فعلاً عن هجوم خان شيخون في محافظة إدلب، التي كانت تسيطر عليها فصائل مقاتلة معارضة، وتسبب بمقتل 83 شخصا، بحسب الاممالمتحدة، و87، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، بينهم 30 طفلا. وعلقت السفيرة الأمريكية في الأممالمتحدة نيكي هايلي على التقرير، معتبرة أنّ على «مجلس الامن أن يبعث برسالة واضحة: أيّ استخدام للسلاح الكيميائي لن يكون مقبولا ويجب توفير دعم كامل للمحققين المستقلين». سيناريو راجح وقال التقرير: إن العناصر، التي جُمعت تذهب باتجاه «السيناريو الارجح»، الذي يشير الى ان «غاز السارين نجم عن قنبلة ألقتها طائرة». وأكد أن اللجنة واثقة بأن النظام مسؤول عن إطلاق غاز السارين على خان شيخون في الرابع من أبريل 2017. وبعد ساعات من نشر التقرير الصادر عن لجنة التحقيق الخاصة بهجوم خان شيخون والمؤلفة من خبراء في الاممالمتحدة ومنظمة حظر الاسلحة الكيميائية، سارعت موسكو أمس الجمعة الى التنديد ب«عناصر متضاربة» كثيرة في التقرير. ونفذت الولاياتالمتحدة بعد هجوم خان شيخون ضربة عسكرية كانت الأولى ضد النظام منذ بدء النزاع، فأطلقت 59 صاروخا عابرا من طراز توماهوك من بارجتين أمريكيتين في البحر المتوسط، في اتجاه قاعدة الشعيرات العسكرية الجوية السورية (وسط). وتقول واشنطن: ان الهجوم الكيميائي على خان شيخون تم شنه من هذه القاعدة. رسالة واضحة وعلقت السفيرة الأمريكية في الأممالمتحدة نيكي هايلي على التقرير، معتبرة أنّ على «مجلس الامن أن يبعث برسالة واضحة: أيّ استخدام للسلاح الكيميائي لن يكون مقبولا ويجب توفير دعم كامل للمحققين المستقلين». وأضافت: «أي بلد يرفض القيام بذلك لا يُعتبر أفضل بكثير من الطغاة والإرهابيين، الذين يستخدمون هذه الأسلحة الرهيبة». أما وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون فاعتبر أن التقرير يُقدّم «خلاصة واضحة»، داعيا «المجتمع الدولي الى الاتحاد من أجل تحميل نظام بشار الاسد المسؤولية» عن الهجوم. وقال: «أدعو روسيا إلى الكف عن دعم حليفها المقيت وأن تلتزم بتعهّدها وهو التأكّد من عدم استخدام الأسلحة الكيميائية مجددا». وأحدثت الصور المروعة لسكان خان شيخون بعد الهجوم، وبينهم كثير من الأطفال، ذهولا لدى المجتمع الدولي، وشكّلت صدمة للعالم. ووصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حينذاك نظيره السوري ب«الجزار». فرض عقوبات من جانبها، دعت منظمة هيومن رايتس ووتش أمس الجمعة إلى فرض عقوبات على نظام بشار الأسد. وقالت المنظمة، ومقرها نيويورك، في بيان: «على مجلس الأمن الدولي أن يتحرك سريعاً لضمان المحاسبة عبر فرض عقوبات على الأشخاص والكيانات المسؤولة عن الهجمات الكيميائية في سوريا». وقال نائب مدير الطوارئ في هيومن رايتس ووتش أولي سولفاج: إن نتائج التحقيق «تنهي التضليل والنظريات الخاطئة، التي روج لها النظام». وقبيل صدور التقرير، أكد وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون في تصريح: «لا نعتقد ان هناك مستقبلا لنظام الاسد، ولأسرة الأسد في سوريا». وأضاف من جنيف: «أعتقد أنني قلت ذلك في عدد من المناسبات. عهد عائلة الأسد وصل إلى نهايته، والقضية الوحيدة هي كيفية تحقيق ذلك». وكان مبعوث الأممالمتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا قد أعلن الخميس أنّ جولة جديدة من محادثات السلام الهادفة لانهاء النزاع في سوريا ستعقد في جنيف اعتبارا من 28 نوفمبر برعاية المنظمة الدولية. وقال دي ميستورا، الذي كان قد تحادث الخميس مع تيلرسون: «يجب أن نشرك اطراف النزاع في مفاوضات حقيقية». ونظّم دي ميستورا حتى الآن سبع جولات من التفاوض بين النظام والمعارضة، لكنه لم ينجح في تجاوز العقبة الرئيسة المتعلقة بمصير الاسد. وتسبب النزاع السوري بمقتل 333 الف شخص وبنزوح الملايين وبدمار واسع. جوع بالرقة من جهة أخرى، وضع الحصارالخانق الناس في الضواحي الشرقية للعاصمة السورية دمشق على شفا المجاعة، لتخيم أجواء من اليأس على المنطقة الكبرى الوحيدة، التي تسيطر عليها المعارضة بالقرب من العاصمة، وفق ما ذكرت «رويترز». وزادت حالات سوء التغذية بين الأطفال بواقع المثلين تقريبا في الشهرين الماضيين في إحدى العيادات بالضواحي، التي تحاصرها قوات النظام منذ 2013، لكن الضغط زاد هذا العام لأن شبكة الأنفاق التي كانت تستخدم لتهريب الغذاء أغلقت. وتقول طبيبة الأطفال أماني بلور: «الطفل الذي نعتبره طبيعيا في الغوطة هو الطفل الذي يصل وزنه للحد الأدنى على قياس الوزن الطبيعي. ليس لدينا أطفال أصحاء بشكل كامل. السبب الأساسي هو نقص الغذاء». وتزن هالة النوفي، التي تبلغ من العمر عامين ونصف العام، أقل من خمسة كيلو جرامات. وتعاني من اضطراب في التمثيل الغذائي لكن عدم وجود تغذية كافية زادت الأمر سوءا.