قدّم الباحث الدكتور سعيد السريحي خلال الحلقة النقدية التي نظمها نادي جدة الأدبي أول أمس ورقة نقدية بعنوان (نحو فقه جديد للغة) قدم فيها حكاية عن طفلة في مدرسة وخلافاتها وموقفها من طفل يدعى بكر ومغزى هذا الاسم الذي تردد بين الأطفال مبينا أن الاسم ليس الشيء وإنما هو تصور الشيء. ثم تناول وقفة مع طفل كان يقف أمام البحر، تتلبسه الحيرة،، يصم أذنيه هدير موجه، تسكن عينيه زرقته، ويهوله امتداده الذي يبدو ألا نهاية له، وحين يتقدم خطوة لتلامس قدماه الماء يجذبه أبواه بعيدا عنه ويسمعهما يحذرانه من البحر.. وقال السريحي: تلك هي تجربة الإنسان مع اللغة، حقيقة ليست كالحقيقة التي انتهى إليها المتكلمون، ومجاز ليس كالمجاز الذي استقر معناه عند البلاغيين، وإنما هي «حقيقة» لا تقوم إلا في اللغة التي تحتضن تجربة الإنسان الأولى مع ما يحيط به وتلمسه الطريق لمعرفته، مؤكدا أنه لا حقيقة لشيءٍ غير ما يراه الإنسان في ذلك الشيء. تلك هي التجربة الأولى مع اللغة، تجربة الإنسان حين كانت اللغة التي يمتلكها قليلة والعالم من حوله كثير. وبين بأن منطق اللغة غير ذلك المنطق، والتسمية إحالة لتجربة لا يمكن تصورها بالنظر العقلي للاشياء، تجربة تُخرج الأشياء من شيئيتها كي تسبغ عليها وجودا إنسانيا. بعد انتهاء السريحي من ورقته علق د. عبدالله الخطيب بقوله: عنونَ الدكتور السريحي ورقته ب«نحو فقه جديد للغة» وهو في ظني منطقي إذ أنّ المنطق الوحيد للظاهرة اللغوية هي حالة اللا استقرار الذي هو قدرُها وقدر العلوم الإنسانية بشكل عام. موضحا أن محاولة السريحي تقويض المجاز تجعلنا نستحضر وقوع المجاز على امتداد تاريخ اللغة العربية. وقالت الدكتورة صلوح السريحي: لعل فيما تحمله الورقة من إشارة إلى «القول بالمجاز كما انتهى إليه أمره لدى البلاغيين ينبني على نزع الكلمة من سياقها، وتقييدها بمعنى محدد» يتشابه مع موقف دارسي الأدب ونقاده عند التعليل لذكر أسماء النساء التي أدرجها الشعراء ضمن قصائدهم فقد اختلف النقاد في تفسيرهذه الأسماء، وظل الباب مشرعا والسؤال قائما يبحث عن إجابة. وشهدت الحلقة التي أدارها الناقد الدكتور محمد ربيع الغامدي مداخلات عدة أخرى من حضور الأمسية.