فتحت الفضيحة المدوية لمنتج أفلام هوليود (هارفي واينستين) الأبواب على مصراعيها في العالم؛ لمناقشة قضية التحرش بالنساء من المتنفذين ورؤساء وزملاء النساء في أماكن العمل. مثل أحجار الدومينو تتابعت الأخبار والفضائح في حق (الذكر) هارفي الذي تحرش بما يقرب من اثنتين وأربعين امرأة واغتصب على الأقل، ثلاثا منهن. اتضح، أيضا، أن النساء في الغالب هن النساء في كل مكان في العالم. لا فرق بين الرياض ولندن أو بين القاهرة وواشنطن في مسألة أن المرأة، في الغالب الأعم، تبلع التحرش بها أو الاعتداء على كرامتها وجسدها وتسكت، إما خوفا من الفضيحة والمواقف المجتمعية أو خوفا على وظيفتها ورزقها. المجتمع غربي أو شرقي، بنسبة ما هنا أو هناك، يضع اللوم دائما على الضحية المتحرش بها وليس على الذئب البشري الجاني عليها. ما زال هناك استضعاف للمرأة واستهتار بشكاواها حيال التحرش بها. هي مطلوب منها ما هو مطلوب من الرجل في العمل والإنتاج والإبداع، مضافا إليه التعرض لألفاظ وتصرفات مسيئة لكيانها وكرامتها وجسدها لأنها أنثى. لم يتخلص الذكور في العالم كله بعد من اعتبار المرأة محضنا لشهواتهم ونزعاتهم الجنسية، رغم كل ما حققته من علم وتقدم وحضور وطني واجتماعي وإبداعي. وهذا يعود لضعف في تربية هؤلاء الذكور على احترام الأنثى الرئيسة والمرؤوسة والزميلة والصديقة، ويعود إلى ضعف القوانين المانعة للتحرش التي يطبقها غالبا ذكور يتضامنون مع بني جنسهم ويتعاملون مع قضايا التحرش باعتبارها قضايا تافهة لا تستحق عناء التحقيق والمحاسبة. الآن، بعد فضيحة هارفي في مجتمع مثل المجتمع الأمريكي ربما يتغير الحال، وتشدد تطبيقات القوانين المضادة لهذه التصرفات الذكورية العارمة، خاصة وأن كل نساء العالم يتحدن، بعد الفضيحة، في حملة أنا أيضا أو Me too؛ لفضح أي حالة تحرش من أي كان وفي كل مكان. هذه الحملة على الأقل ستحد من جرأة المتحرشين وتشجع النساء على رفع أصواتهن والتخلص من أعباء الظلم التي تقع عليهن من المتحرش أولا ومن المجتمع ثانيا. وربما وصل ذلك وتحقق في المجتمعات العربية.