تنتشر عبر مواقع التواصل في الآونة الأخيرة، مقاطع فيديو عديدة، لشبان يتحرشون بفتيات، في الأسواق والشوارع والمجمعات التجارية، غير آبهين بالعقوبات التي يمكن أن تطولهم، فيما أرجع ناشطون هذه السلوكات إلى وجود اختلال في شخصية الشاب المتحرش، كما أن لباس الفتاة قد يغوي الشباب ويدفعهم للتحرش، في ظل البطالة وغياب القوانين الرادعة. الكاتب والناشط الاجتماعي عباس المعيوف أكد أن سلوك المتحرشين نابع من اختلال في الشخصية، وناتج عن عدة عوامل، أهمها ضعف الوازع الديني والكبت النفسي، وبالتالي فإن مثل هؤلاء محتاجون للعلاج النفسي والروحي للخلاص من هذا المرض، وأضاف «بعد الحوادث المتكررة في مجتمعنا حان الوقت لإصدار قانون يردع كل من تسول له نفسه التحرش ويكون على شكل غرامة مالية، والتشهير بالمتحرش وسجنه. وأكد أن التحرش مؤشر خطير في ظل غياب دور الأسرة، موضحاً «يلاحظ في الآونة الأخيرة ارتداء الفتيات عبايات مزخرفة وضيقة من باب اتباع الموضة، ولكن على المرأة أن تدرك أن ثقافة المجتمع ليست واحدة، والمتحرش لا يفرق بين النساء، ولا يبرر إن كانت ترتدي هذه العباءة لتلفت الانتباه أم لتغري الشباب». يقول المعيوف «علماء النفس يصفون التحرش بأشكال كثيرة، منها النظرة واللمس والنداء، وهي الأكثر انتشاراً بين فئة المتحرشين، وكذلك الملاحقة، ويمكن علاج هذه الظاهرة من خلال التربية الإسلامية الأصيلة وعبر وسائل الإعلام، الملقى على عاتقها دور كبير من خلال بث برامج في المجال النفسي والسلوك الديني والثقافي، كما تلعب وزارة التعليم دوراً مهماً جداً في التوعية والتنبيه والنقد لهذه الظاهرة المرضية، لأن التحرش جريمة لابد أن يعاقب عليها القانون بأشد العقوبات». الاختصاصي النفسي علي التمار أوضح أن ظاهرة التحرش مذمومة لدى جميع المجتمعات والأديان ولا يخلو مجتمع منها، مشيراً إلى أن لها آثاراً نفسية واجتماعية على الطرفين ولها عدة أسباب، يقول «التحرش عبارة عن إيذاء للطرف الآخر وإجباره بالإلحاح أو التهديد والقوة. ويعاني الشخص المتحرش من اضطرابات نفسية قد تكون مصاحبة له منذ الصغر، ولربما يكون ضحية تحرش هو الآخر، ويكون مدمناً على مشاهدة الأفلام المخلة بالآداب، في ظل عدم انتباه بعض الأسر لسلوك أبنائهم، والخجل من معالجتهم، والتستر عليهم». أما عن الضحية -المتحرَّش به-، فإنه يتعرض لاضطرابات نفسية قوية قد تستمر لوقت طويل في حياته وتظهر على سلوكاته، منها: كره المجتمع، الانتقام، الانطواء، القلق، الخوف، التجنب، اهتزاز الشخصية، وقال: «إن خوف المتحرش به من لوم الأسرة ووضع كل الخطأ عليه وعدم تصديقه، يجعله يتردد في إخبار أهله مما يزيد من اضطرابه؛ لذا يجب أن تتكاتف الجهود لدحر هذه الظاهرة الخطيرة على المجتمع وعدم التهاون أو التسامح، وتثقيف الأبناء بالتصرف الصحيح في مثل هذه المواقف». وأكد أن التحرش الجنسي لا يعرف عمراً معيناً ولا يقتصر على جنس بعينه. وأوضح عضو المجلس الإشرافي لمركز حياة لمكافحة التدخين عبدالحميد النفجان، أن ظاهرة التحرش تفشَّت بصورة لم تكن حاضرة من قبل، وذلك يرجع إلى عدة عوامل منها غياب رقابة كثير من الآباء والأمهات لبناتهم وأبنائهم، وانتشار البطالة بين الشباب والشابات، ولا ننسى أن بعض الفتيات -هداهن الله- يدفعن الشباب للتحرش بهن بسبب لباسهن غير اللائق، كما أن القنوات الفضائية ونوعية برامجها وأفلامها رسخت هذه الظاهرة في عقول بعض الشباب، وفي النهاية لا بد من الإشادة بجهود رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القضاء والحد من التحرش، وأدعو أبناءنا أن يتقوا الله في أنفسهم، وأن يتذكروا أن لهم أخوات كريمات لا يرضون بأن يتعرض لهن أحد. ويرى الكاتب والإعلامي عبداللطيف الوحيمد أن تصرفات الفتاة تلعب دوراً كبيراً في تعرضها للتحرش، فهي تلوم الشاب حين يتعرض لها في أي مكان ويتحرش بها، ولا تفكر بأن مبالغتها في إظهار الزينة تدفع الشباب لمثل هذه الأفعال المشينة، فلو كانت محتشمة ومتسترة لما تجرأ الرجال على النظر إليها، ولكن مظهرها غير المحتشم أثارهم وأجبرهم على الاقتراب منها، على أمل أن تتجاوب معه لكونها أبدت ما يوحي بذلك، فلو كانت محافظة لما ارتضت لنفسها باللباس غير اللائق، فالشاب المتسكع يعرف الفتاة التي يمكن أن تتجاوب مع كلامه أو تصرفاته.