أحيانا يكون أسهل الأمور أصعبها، وأحيانا أصعبها ليس صعبا. إلغاء نظام أمر سهل، فيما بناء نظام جديد صعب. حين نلغي نظاما قائما نحتاج إلى نظام بديل، لكن عند إلغاء نظام ولم يكن هناك بديل ستكون هناك مشكلة. هل كنا نتصور أننا ممكن أن نكون من البلاد التي لا يستطيع المواطن فيها الحصول على مقعد جامعي، أو لنقل صار من الصعوبة الشديدة الحصول فيها على مقعد جامعي؟!. كنا في الأعوام المنصرمة من لا يجد مقعدا جامعيا ما عليه إلا أن يلجأ إلى التعليم عن بعد أو الانتساب، وهذه البرامج كانت تسد شغف كثير ممن يودون التعلم لمجرد التعليم؛ كي يزداد علما، وفي الحقيقة أن هذه البرامج، بعكس ما تصوره من حجبوا هذا القرار، وبكل المقاييس فإنها قد زادت من وعي المجتمع كثيرا. إن إلالغاء، دون أسباب مقنعة، ودون بديل مواز، سيؤدي إلى كثير من الإشكاليات للطلبة الراغبين في الدراسة الجامعية، إن لم يحل محله بديل عاجل يحتوي هذه الفئة السنية المرحلية الخطيرة، ناهيك أنه يخدم الجامعات ويعتبر دخلا رائعا دون تكلفة تذكر على الجامعة. هناك مطالبة بعودة البرنامج السابق في مقابل إلغاء مكافآت الطلبة في الجامعات السعودية، ثمة مطالبة باستيعاب عدد الخريجين، فعقلية الشاب والشابة في سن المراهقة إن كانت فارغة فإنها تحتاج إلى نمو كي تنضج ويستوي عودها. استبشر الناس خيرا بعد إنشاء الجامعة السعودية الإلكترونية، وذلك لاستيعاب من لم يحالفه الحظ في القبول ولم يجد مقعدا في الجامعات التقليدية. من الناحية الأخرى، فإن الجامعات والكليات الأهلية لديها فاقد تعليمي كبير، لا أحد ينكر ذلك؛ من جراء رفع تكاليف الرسوم المطلوبة على الطلبة والطالبات، وهذا يعد سببا رئيسيا من أسباب التسرب في التعليم الجامعي، حيث هناك غالبية ليس في مقدورها دفع تكاليف ومصاريف الدراسة المبالغ فيها في ظل ارتفاع الأسعار وزيادة المصاريف. فالنتيجة ستكون شابا وفتاة في عمر سبعة عشر وثمانية عشر ربيعا لن يجدوا تعليما جامعيا، سيكون الشباب والفتيات عاطلين. إن لم يحصلوا على تعليم دون مندوحة لن يجدوا عملا في هذه السن المبكرة، فيصبحون عاطلين رضينا أم أبينا، ولو قلنا إن شبابنا وفتياتنا مبدعون، فهؤلاء بصراحة شديدة نسبتهم قليلة جدا، لكن أنظر بعدئذ من سيتلقف تلك الأعداد الهائلة من الشباب والفتيات في هذه السن المحرجة، بينما إن التحق بالجامعة أو أشغل نفسه بالتعليم لمدة أربع سنوات سيتجاوز مرحلة الخطورة ويزداد وعيه أكثر مما مضى، بدلا من إشغاله بالفراغ وما يتبعه، ويكون حينئذ لديه مقدرة أكبر في اكتشاف ما هو أفضل لمصير حياته.