موسم سقوط الأمطار على منطقتنا يكاد إن لم يكن في فصل الشتاء، ما بين شهر نوفمبر إلى مارس تقريبا من كل عام، ويندر سقوطها فيما عدا ذلك، إلا في المناطق الجبلية والمرتفعة كما في مناطق جنوب المملكة كأبها والطائف. ويصعب علي أن أصف بدقة هذه الموسم أو اليوم الذي تنهمر فيه علينا قطرات الماء من السماء وتفترش الأرض بعدها ببساط الخضرة (الربيع)، وما يحدثه فينا من بهجة وسرور ويحفز من همتنا بالإسراع بحزم الأمتعة والخروج، أفرادا وجماعات في رحلات برية «كشتات» والتمتع بأجواء المخيمات الصحراوية في النفود والدهناء. ويعد سقوط الأمطار من أخبار البشائر والبركات ويحظى بتغطية في مختلف وسائل الإعلام، كما أنه يحتل صدر نشرات الأخبار وعناوين الصحف الورقية والإلكترونية. لكن ما هو غريب أن وسائل الإعلام لدينا وفي دول الخليج ما زالت تنتهج نفس الأسلوب القديم المتوارث في وصف ونقل مستوى وكمية الأمطار، التي سقطت على هذه المنطقة أو تلك. وعادة ما تكون نقل صورة حية «مباشرة» أو مسجلة لأماكن تجمع لمياه الأمطار عند تقاطعات الطرق أو أسفل المنحدرات. والواقع.. أن جميع المقاطع والصور التي نقلت لنا كمية ومستوى الماء المنهمر من السماء، هي في حقيقة الأمر تعرض لنا أعداد مصارف الأمطار المنغلقة، وكلما كبرت مساحة تجمعات مياه الأمطار وعمقت، هي دلالة على أن التصريف الأرضي في تلك البنية التحتية وصل إلى درجة عدم الفعالية المطلقة. كنُت بالهند قبل بضعة سنين وزرت العديد من دول شرق آسيا، تنهمر عليهم الأمطار وتستمر بالأيام والساعات الطوال، وعند توقفها بلحظات لا نرى أي تجمع أو برك مياه في الشوارع أو عند الأرصفة والمنعطفات، مع العلم أن مستوى وموسم سقوط الأمطار في تلك الدول أعلى بكثير مما يسقط علينا في العام الواحد. صور تجمعات المياه ومشاهد برك الأمطار في الأنفاق والطرقات، ليست كفيلة ولا كافية لإعطاء صورة حقيقية عن نسبة الأمطار المتساقطة، هناك معايير وأدوات فنية وأجهزة تقنية تقاس بها نسبة وسرعة هطول الأمطار، وهي موجودة لدينا في (قسم الهيدرولوجيا) التابع لوزارة الزراعة. لماذا؟! لا يرتقي الإعلام بوعي المجتمع ورفع مستوى معرفه الفرد الثقافية والعلمية فيما يتعلق بأحوال الطقس، وذلك بنشر نسب ومعدلات الأمطار التي سقطت على المدن والقرى، بشكل مبسط وسلس «الجداول والرسم البياني»، توُضح من خلاله النسبة التي تشكل خطرا على قائدي المركبات الراغبين بسلك الطرق السريعة، وما هو المعدل الذي يجب على الفرد أن يكون أكثر حذرا وعليه الابتعاد وعدم التجول في مناطق الأودية وعند مجرى السيول والمنحدرات، وتلك التي تشكل خطرا على الأطفال ويجب على أثرها أن تُعلق الدراسة في ذلك اليوم.