استوقفني قبل أيام مقطع فيديو في إدارة محاكم دبي لعربة متحركة تحمل شاشة تلفزيونية مزودة بكاميرا تظهر عبرها إحدى موظفات الاستقبال التي تتواجد في مكان آخر، هذا الابتكار الذي يتم التحكم فيه عن بعد صُمم ليجول بعجلاته في صالة الانتظار بهدف المبادرة في تقديم التسهيلات للمستفيدين من خلال تلك الموظفة في الشاشة دون الوقوف في طابور الانتظار. فمنذ الوهلة الأولى لمشاهدة هذه الممارسة لن ترد على شفاهك سوى مفردة واحدة «واو wow». عندما بدأت رحلة الجودة كانت تسعى إلى إرضاء العملاء عبر توفير المتطلبات الأساسية في الخدمة أو المنتج، ونظرا لسعي المنظمات إلى تحسين تجربة العملاء وتوسيع شريحة المتعاملين وزيادة الحصة السوقية أصبحت تضيف قيمة جديدة على المنتج من أجل إسعاد هؤلاء العملاء، ومع احتدام التنافسية العالية ذهبت بعض المنظمات إلى أبعد من ذلك وتجاوزت التوقعات عبر مزج عناصر الجذب والتميز على المنتج والخدمة أو ما تسمى «wow factors» وذلك سعيا إلى إبهارهم في تجربة تستقر في الأذهان ولا تنسى. ولو أبحرنا في مفهوم إبهار العملاء والمستفيدين نجد أن «الإبداع والابتكار» يستقران في أعماقه. هذان المصطلحان يشكلان أحد أهم مقومات نهضة الدول وبقاء منظماتها وتقدمها كما تؤكد عليه نماذج التميز المؤسسي العالمية. هذا حقا ما تحتاجه مؤسساتنا ونحن في عهد تحول الحديث فيه إلى خلق الميزة التنافسية، عهد أيقنت فيه الدولة أن الفخر بإبداع الإنسان، نعم أيقنت أننا أسهبنا الحديث في مؤتمراتنا وملتقياتنا عن أفضل الممارسات العالمية وآن الوقت لنصنع الممارسات الرائدة التي تحول العالم نحونا. لذا فقد وضعت تعزيز ودعم ثقافة الابتكار ضمن أهداف العديد من مبادرات رؤية 2030 كبرنامج ريادة الشركات الوطنية مثلا وبرنامج تعزيز الشخصية السعودية وغيرها. وعلى صعيد آخر تسعى الدولة إلى تعزيز فاعلية الحكومة بما يحقق تطلعات ورضا المواطنين والمقيمين، وذلك يقود لسرعة الانتقال من مربع الأهداف النظرية إلى ميدان التغييرات الواقعية. لذا أرى ختاما أهمية تطوير الهياكل التنظيمية باستحداث «إدارة الابتكار» في جميع المؤسسات الحكومية وكذلك بناء الاستراتيجية الوطنية للابتكار الداعمة لتوحيد مسار التجديد نحو سلم المجد التنموي.