سؤال غريب أصر بعض الإعلاميين في القنوات التلفزيونية والصحف على طرحه أمام كل من يتحدثون إليه عن موضوع قيادة المرأة للسيارة!! سؤال لو انتظرنا الإجابة عنه فلن نجهز أبدا. سؤال واجهته مجتمعات كثيرة غربية وعربية أمام كل جديد ولكنهم لم ينتظروا الإجابة عنه بل أقدموا على التغير بكل جرأة؛ لأنهم يدركون تماما أن كل جديد فيه من الإيجاب أضعاف السالب؛ لأن الخوف يتربص بالتغيير ودائما هناك تشاؤم وعدم ثقة وأوهام ولكن ما شأن كل هذا أمام الفائدة العامة؟ ولا أعني هنا موضوع قيادتنا للسيارة بل كل ما من شأنه أن يدفعنا إلى الأمام في كل المجالات ويحقق الاختلاف الذي هو سنة من سنن الحياة فمن المستحيل أن نكون نسخا متكررة ففي النهاية المجتمعات هي عبارة عن أفراد لا يتشابهون في اهتماماتهم ووعيهم وقدراتهم فهل يظل نصفنا على عتبات الانتظار حتى يستعد النصف الآخر للانطلاق! حكت لنا جدتي عن دخول مكائن الخياطة إلى بلدة قريبة من (مرات) وكان دخولها حين ذاك قد روع بعضهم. فقال أحدهم (جايبين لنا سحر يدندن علينا) فقد أرعبه صوتها حتى أعمى عقله عن الفائدة التي ستعود عليه منها. وهذا هو حال كل خائف من التغير أو التجديد وليس الأمر مرتبطا بجهاز جديد أو آلة حديثة، بل كل الأفكار المرتبطة بالسلوك كفكرة استعباد انسان لآخر وكلنا نعرف كيف كان المجتمع الأمريكي غير جاهز لتقبل فكرة مساواة الأسود بالأبيض وكلنا نعرف أنه ما زالت هناك بقية من متعصبين لا يرضيهم هذا التساوي الذي حققه ولكن هل كان ذلك مبررا للإبقاء على الرق؟! بالطبع لا. لقد رأيت في ذلك السؤال إهانة بالغة لنا فهو مبطن بنظرة قاصرة عن المجتمع. نظرة تظهره وكأنه مجتمع ينقصه الكثير ليقبل التغير وقد رأيت وسمعت قبل القرار وبعده شيئا يشبه التمثيليات الفاشلة بما فيها من كذب وسوء فهم للمادة المنتجة وسوء فهم لعملية الإخراج الفني التي تظهر بها. فعندما بدأت الحفلات الغنائية في جدة والرياض وثار بعضهم بقاموس الكلمات المعتادة الفسق، الفجور، التغريب كانت كلماتهم تلك تجعلنا نسترجع صور حفلات قطر والكويت والبحرين من الذي كان يحضرها؟ إنه الجمهور السعودي الذي لولاه لفشلت كل تلك الحفلات. من الذي يزيد من أرباح السينما في البحرين غيرنا ومن الذي يحرك جي بي آر دبي غيرنا ومن..ومن.. وبالمقابل من الذي يزور المتاحف في كل بلاد العالم ومن الذي يقتني الكتب ويلاحق معارض الكتاب في كل دول العالم.. أليس نحن؟ من الذي يحضر الندوات والمؤتمرات في كل المجالات ألسنا نحن؟ ومن الذي يتفوق في مجالات لا مجال لعدها الآن، إذن كفانا إسفافا في تصوير مجتمعنا بتلك الصورة القبيحة.. فنحن مجتمع جاهز منذ أزمان طويلة ولكن الفارق الوحيد أن غمامة سوداء خنقت الناس بأسلوب التخويف حتى صارت تلغي من الدين يسره وسماحته وتركز على العقاب الشديد فاستجاب لهم بعضها حتى صار الباطن يخالف الظاهر ولكن الغطاء انكشف والغمامة انزاحت وحان وقت التغيير بسلطة العقل لا بسلطة التخويف الذي تاجر به من تاجر لأسباب لا صلة لها بالدين بقدر ما تتصل بأهواء شخصية ومخططات سياسية. ولكن الحمدلله الذي يدبر الأمر بلطفه حتى جاء سلمان ليقر الصواب ويدعمه بالقانون ليبطل السؤال.