عندما بدأت رحلتي الوظيفية كنت كغيري من الجدد مثابرًا ونشطًا، وكان هناك موظف يراقبني دائما ويقول «لا تجهد نفسك ففي نهاية العام كلنا سواسية». في البداية قلت في نفسي هذا من أعداء النجاح، وعندما تقربت لمعرفته لم أصدق أنه كان أفضل الموظفين ثم تهاوى أداؤه بطريقة دراماتيكية؛ نتيجة اتساع الفجوة بين تميزه الوظيفي والنظام التحفيزي. قد يقول البعض أين هذا الموظف من الإخلاص والرقابة الذاتية؟ نعم أتفق معكم، ولكن استدامة ذلك تحتاج إلى تعزيز، «وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان». تعتمد المؤسسات الحكومية وغيرها على الإنسان صانع الفرق ورائد السبق لتحقيق أهدافها، لذا يدفع القادة بموظفيهم لبذل المزيد من الجهود الاستثنائية والإبداع لتحقيق النتائج، ولكن دعونا نقف هنا: ما العوائد الشخصية للموظف من ذلك الجهد؟ العلاوة لا تكفي وحدها لترجح كفة الموظف المتميز على التقليدي؛ كونها أصبحت حقًا مكتسبًا ومتساويًا في معظم المنظمات حتى إن تفاوتت نسبتها في المؤسسات الخاصة، بل هناك شريحة من الموظفين تكابد من تخصيص نصيب الأسد من الانتدابات والحوافز للقادة في أعلى الهيكل. نحن لا نغفل أهمية التحفيز المعنوي كوقود يومي لدفع عجلة العطاء كما أوضحت في مقالي «الموظف أولًا»، ولكن حديثي اليوم يتمحور حول التحفيز والعائد المادي. ولو سلطنا الضوء على ذلك لدى بعض المؤسسات نجده غالبًا لا يعدو عن كونه ممارسات لا تصل إلى مستوى النظام الشامل، فمثلا هناك مسابقة موظف الشهر التي قلصت حدود الإتقان في مقعد واحد، وهناك جوائز التميز التي تُخضع الموظف الجيد للمنافسة مع العشرات من إقرانه من أجل 3 مراكز، وهناك أمثلة عديدة لاجتهادات أفرزت مفعولًا عكسيًا كالإحباط وركود الأداء. يقول كارنجي «الناس تعمل من أجل المال ولكن اذهب أبعد من ذلك إلى التقدير والثناء والمكافأة». أخيرا نتطلع من وزارة الخدمة المدنية بناء نظام حكومي شامل للحوافز يكافئ نسبة معينة من موظفي كل مؤسسة حكومية وفق درجة التميز بالعلاوات الإضافية والمكافآت المقطوعة وإقرار ذلك ضمن بنود الميزانية، وكذلك مع وزارة العمل بما يناسب القطاع الخاص لتشجيع الموظفين على الوثب سريعًا في تحقيق خطط المملكة التنموية والاقتصادية. ختامًا أقول إذا أردت النتائج المتميزة... فاعتن بصانعها.