شدد منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق فارس سعيد على «أن التسوية مع حزب الله أدت إلى استسلام الجميع لصالحه»، متوقعا أنه «إذا استمر الوضع السياسي في لبنان هكذا فلن يحصل فريق الحزب على الأغلبية النيابية إلا إذا استنهض اللبنانيون من خارج اصطفاف 14 و8 آذار القديم من خلال إعادة تكوين تيار استقلالي عابر للطوائف ووطني بامتياز». وأكد في حواره مع «اليوم» أن الحزب إذا ظن أنه جزء من منظومة رابحة في المنطقة على قاعدة أن النفوذ الإيراني أصبح ثابتا وواضحا جزئيا في العراقوسورياولبنان، فالمنطقة متأرجحة تنام على شيء وتستفيق على آخر. ¿ اليوم: ذكرت من قبل أن الجميع استسلم لصالح «حزب الله».. ما المقصود؟ تشكيل لبنان بشروط فريق لا يؤدي إلى الاستقرار بل إلى المزيد من الاحتقان الطائفي والمشكلات الطائفية بين اللبنانيين إن كانوا مسلمين أو مسيحيين، لهذا، أرى أن قوى 14 آذار بوصفها روح لبنان لا تزال موجودة، أما 14 آذار -التنظيم والإدارة- فغرقت في المصالح والرهانات التي أدت إلى استسلام الطبقة السياسية أمام موازين قوى مستجدة فرضها «حزب الله» على الجميع من معركة الموصل الى حلب الى معركة الجرود، وأعتبر أن من دخل في تسوية مع «حزب الله» بحجة إنقاذ ما تبقى من الدولة دخل بعنوان سليم يستحق أن نضحي من أجله أي إنقاذ ما تبقى من الجمهورية اللبنانية، إلا أن الممارسة أظهرت أن «الجمل بنية والجمال بنية أخرى»، بمعنى أن «تيار المستقبل» و«القوات اللبنانية» الذين دخلوا بتسوية على حسن نية مع «حزب الله» من أجل انتخاب رئيس وإنتاج حكومة وإقرار قانون انتخابي أدت التسوية إلى استسلام الجميع لصالح الحزب الذي بات يشكل لبنان على صورته ومثاله ووفقا لمصالحه بعيدا عن الدستور اللبناني واتفاق الطائف. ¿ سيشهد لبنان انتخابات نيابية، هل تعتقد أن الاصطفافات السياسية القائمة على المحور الآخر ستدفع 14 آذار لإعادة لم شملها من جديد وخصوصا أن إضعافها سيقوي «حزب الله» ومحوره في الانتخابات؟ بعد دخول القوى التي تتحدر من التيار الاستقلالي إلى التسوية مع «حزب الله»، حصل خلل في النصاب السياسي اللبناني، بمعنى آخر، أن فريق 8 آذار بكامل صحته الأمنية والعسكرية والإعلامية بينما التيار الاستقلالي أصبح تيارا متبعثرا وغير قادر على توحيد القراءة السياسية، وبالتالي سنذهب إلى انتخابات نيابية إذا استمر الوضع كما هو الحال اليوم، على قاعدة الخلل في النصاب السياسي، أي فريق السلطة المتمثل بالرئيس ميشال عون و«حزب الله» وحلفائهم، سيكون الفريق الذي سيتحكم بإدارة ونتائج الانتخابات، ومن المتوقع إذا استمر الوضع هكذا أن يحصل فريق «حزب الله» على الأغلبية النيابية إلا إذا استنهض اللبنانيون من خارج اصطفاف 14 و8 آذار القديم، إنما من خلال إعادة تكوين تيار استقلالي عابر للطوائف ووطني بامتياز يستند على الشرعيات الثلاث، ضرورة التمسك بالشرعية اللبنانية، وضرورة التمسك بالشرعية العربية أي نظام المصلحة العربية وألا يكون لبنان جزءا من نفوذ إيران في المنطقة، مع ضرورة التمسك بالشرعية الدولية التي صدرت بحق لبنان 1559، 1680، 1701، 1757. ¿ برأيك، من سيخرج خاسرا من قانون الانتخاب الجديد القائم على النسبية؟ ومن سيخرج منه رابحا؟ وماذا عن قدرته على التغيير الحقيقي؟ لقد فُصل هذا القانون على قياس ومصلحة «حزب الله» في لبنان، فلقد تمكنوا من نصب فخ لجميع القوى السياسية، فقد أعطى هذا القانون النسبية شكليا أما في المضمون فلقد تدخل في شؤون كل الطوائف والأحزاب، ما عدا الطائفة الشيعية أي سيبقى «حزب الله» بكامل نصابه الانتخابي بالتحالف مع حركة «أمل» داخل بيئته، أما كل البيئات الأخرى فستشهد تفتتا وضربا للوحدة الداخلية على جميع المستويات. ¿ في الشأن السوري، يتزايد الحديث عن حل سياسي بعد تحول سوريا إلى مناطق نفوذ للقوى الإقليمية والدولية، ماذا حقق «حزب الله» بعد ست سنوات من انخراطه في الحرب السورية؟ إن كانت هناك طوائف محبطة في لبنان، فإن «حزب الله» يعاني مرض الانتفاخ السياسي، وهذا المرض شهدناه في مراحل سابقة لدى طوائف أخرى، ففي العام 1975 حصل تحالف بين السنة (أبو عمار) وبين الحركة الوطنية، وكان تحالفا قادرا على فرض شروطه على جميع اللبنانيين ودخلنا في حرب أهلية دموية ومدمرة للبنان، أما في 1988 فظن المسيحيون أن بتفاهمهم مع قوى إقليمية وعلى رأسها إسرائيل سيتحكمون بمفاصل الحياة الوطنية في لبنان، ودخلنا في انتفاضات وأخرى مضادة حتى الاقتتال الداخلي المسيحي المسيحي، إذن لن تنجح إيران حيث سقط الآخرون، فليس هناك في لبنان من قدرة لأي طائفة أو أي جماعة أو لأي قدرة خارجية أن تفرض شروطها على جميع اللبنانيين، إن قدرة أي طائفة على النفوذ والسلطة تصطدم بحدود الطوائف الأخرى، هذه قاعدة عشناها خلال الحرب الأهلية ونعيشها اليوم وإذا ظن الحزب أنه جزء من منظومة رابحة في المنطقة على قاعدة أن النفوذ الايراني أصبح ثابتا وواضحا جزئيا في العراقوسورياولبنان، وإذا حاول توظيف هذا الانتفاخ السياسي، فالمنطقة متأرجحة تنام على شيء وتستفيق على آخر، ونحن كلبنانيين لا نريد ولن نقبل أن نخرج عن الإجماع اللبناني، وهذا الاجماع هو الدستور اللبناني وليس شروط «حزب الله»، فالدستور لا ينص على وجود جيشين في لبنان، ولا ينص على وجود مبايعة انتخابية، والدستور لا ينص على تحويل مؤسسات الدولة الى دوائر كاتب عدل تنفذ أو تدون اتفاقيات قبائلية وعشائرية تبرم من خارج المؤسسات، كل هذا ليس دستورا ونحن نريد التمسك بالدستور. ¿ أي فاتورة سيدفعها لبنان على الصعيدين السياسي والاقتصادي في ظل إمعان «حزب الله» في حروب المنطقة ودوره في العراق واليمن وخلاياه الإرهابية في دول الخليج؟ عنوان لبنان وفلسفة وجوده العيش المشترك، أي أن نعيش بسلام وحرية مسلمين ومسيحيين، وفي نظام مرن قادر على تأمين الحقوق لكل المواطنين من كل الطوائف، ويتراجع مفهوم العيش المشترك في المنطقة مع الاستقطاب المذهبي ومع محاولات البعض في بناء كيانات صافية مع اقتطاع رقع جغرافية لهذا الفريق ضد فريق آخر، لهذا فإن مبدأ العيش المشترك يتراجع، بقدر ما يتمسك لبنان بالعيش المشترك بقدر ما هو مشروع مثال للآخرين، وبقدر ما يتراجع هذا المشروع بقدر ما يساهم في تفجير المنطقة وتفتيتها. ونحن نعتقد بأننا نجحنا في أن نكون نقيض عنصرية قامت في إسرائيل ولقد نجحنا أن نكون نقيض الإرهاب، وأن نكون نقيض كل ما يذهب باتجاه القوقعة وباتجاه الحدود الطائفية.. وفلسفة هذا البلد أن يكون بلد التلاقي الإسلامي المسيحي والعيش بحرية لكل الطوائف، وأن يكون لبنان نموذجا لإعادة مصالحة هذه المنطقة مع العصر. ¿ برأيك، أي صورة سترسو عليها سوريا منزوعة المخالب؟ من ينتصر في سوريا ينتصر بلا ثمن أو مخالب، ومن خسر فيها خسر كل شيء، لهذا لا أعتقد أن هناك نموذجا نهائيا في سوريا، فهي اليوم تبدو كألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، أي مناطق نفوذ وجيوش تتقابل مع جيوش أخرى.. وأعتقد أن إرادة الشعوب في سوريا بالتحديد أكبر من أي ترتيب سياسي يظن البعض أنه نهائي، أو أنه قد يأتي بالاستقرار، فالاستقرار في هذه المنطقة لا يأتي إلا من خلال الديموقراطية والحرية. سيطرة مليشيا «حزب الله» على لبنان مرحلية قال فارس سعيد إن حزب الله يمسك اليوم بالإدارة وبرئيس الجمهورية ويفرض شروطه على الرئاسة وعلى الحكومة اللبنانية، وعلى مبدأ قانون الانتخاب، والجيش اللبناني في معركة الجرود، وبالتالي يظن أنه الرابح ويظن أن هذا الموضوع ثابت ونهائي، إنما نحن نرى أنها فترة مرحلية. وأضاف سعيد: إن التجارب اللبنانية علمتنا أن بلادنا لا تحتمل المشاريع الكبرى، ففي السابق لم يتحمل أن يكون أرض انطلاق للفدائيين ضد إسرائيل، ولم يتحمل أن يكون أرض السلام المنفرد مع إسرائيل، وتابع: وبالطبع لن يتحمل اليوم أن يكون جزءا من نفوذ إيران في المنطقة، فهذه مشاريع كبرى لا تتحملها لا طائفة ولا حزب. فارس سعيد سياسي وطبيب يحمل مشرطي الطب والسياسة مساهما في معالجة مشكلات بلاده المعقدة.بدأ تعليمه ببلاده قبل أن يكمل الثانوية في الليسيه الفرنسية ببيروت 1975، ليتابع دراسته الجامعية في جامعة رينيه ديكارت بباريس. شارك في تنظيم حملة الإغاثة بجانب الوزير برنارد كوشنر في مارس 1988 بطلب من الحكومة الفرنسية باتجاه لبنان، وهو مؤسس جمعية SAMU LIBAN في باريس عام 1988 مع أطباء لبنانيين، كما عمل مسؤولا عن بعثة طبية بين عامي 1989 و1991. عاد إلى لبنان في يناير 1990 ومارس الطب في مستشفى «سيدة المعونات» – جبيل، وفي مستشفى «سيدة لبنان» – جونية، الى أن تم انتخابه نائبا بالبرلمان اللبناني في عام 2000. لقاء سابق جمع الحريري بفارس سعيد وفرنجية (اليوم)