أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي انطلاق عملية تحرير مدينة الحويجة بمحافظة كركوك من سيطرة تنظيم داعش. وقال العبادي -في بيان رسمي على موقعه الإلكتروني-: «مع فجر يوم عراقي جديد، نعلن انطلاق المرحلة الأولى من عملية تحرير الحويجة وفاء لعهدنا لشعبنا بتحرير كامل الأراضي العراقية وتطهيرها من عصابات داعش الإرهابية». ووجه العبادي التحية «لقواتنا البطلة بجميع صنوفها وتشكيلاتها وهي تخوض أكثر من معركة تحرير في وقت واحد وتحرز الانتصار بعد الانتصار». وتقع الحويجة في محافظة كركوك الغنية بالنفط، وتعد واحدة من آخر المناطق التي لا يزال يسيطر عليها التنظيم في العراق. وفتحت القوات العراقية الخميس جبهتي قتال ضد آخر معقلين لتنظيم داعش في شمال البلاد وغربها، مضاعفة الضغط على تنظيم داعش الذي فقد السيطرة على الأراضي التي أعلن فيها «دولة الخلافة» امتدادا إلى سوريا المجاورة. وتأتي هذه الخطوة، فيما يترقب العراقيون ما ستؤول إليه المفاوضات الجارية بين الحكومة المركزية في بغداد وإقليم كردستان الذي يتوقع أن يشهد في الخامس والعشرين من سبتمبر استفتاء على استقلاله. وبدأت القوات الأمنية فجرا هجوما على منطقة واقعة على مشارف مدينة الحويجة الشمالية، بعد أيام فقط من بدء عملية مماثلة ضد معقل تنظيم داعش في غرب البلاد. وتقع الحويجة على بعد 230 كيلومترا شمال شرق بغداد و45 كيلومترا من مدينة كركوك الغنية بالنفط، وإلى الجنوب الشرقي من مدينة الموصل، ويسكنها حوالي 70 ألف نسمة يمثلون غالبية مطلقة من العرب السنة. ورحب التحالف الدولي بانطلاق عمليات الحويجة. وقال المتحدث باسم التحالف عبر تويتر: «القوات الأمنية العراقية تطلق عمليات الحويجة لهزيمة داعش. داعش يواجه الآن أبطال القوات العراقية في آخر معقلين له على الأراضي العراقية». وأفاد مراسل لوكالة فرانس برس في المكان أن القوات العراقية بدأت عمليات قصف مدفعي، تزامنا مع تقدم الجيش باتجاه ناحية الشرقاط، جنوب غرب الحويجة. ولا يزال الجزء الشرقي لبلدة الشرقاط في محافظة صلاح الدين والذي يجاور الحويجة تحت سيطرة تنظيم داعش، وهو مشمول بالمرحلة الأولى من العمليات. وتعد الحويجة من المناطق غير المستقرة أمنيا منذ سنوات عدة، فقد شهدت مقتل أكثر من 50 شخصا خلال حملة نفذتها القوات الامنية ضد مناهضين للحكومة في ابريل 2013. كما وقعت في الحويجة أعمال عنف متلاحقة خلال السنوات التي أعقبت سقوط النظام السابق في العام 2003. وأطلقت عليها القوات الأمريكية اسم «قندهار العراق»، تيمنا بقندهار الأفغانية التي تسيطر عليها حركة طالبان، بسبب الهجمات التي تعرضت لها. ومع انطلاق العمليات العسكرية، تحذر منظمات إنسانية حيال أوضاع المدنيين المحاصرين في الحويجة منذ العام 2014. وقال المدير الإقليمي للجنة الإنقاذ الدولية جيسون كاير: «فر أكثر من مائة ألف شخص من الحويجة منذ أغسطس 2016، وقد قطعت طرق الإمداد منذ يوليو الماضي، وأصبحت الأوضاع في المدينة الآن سيئة». وأضاف: «يعيش الناس منذ شهور عدة من دون الحصول على الغذاء الكافي ومياه الشرب والأدوية. ويذكر أن الفارين مؤخرا أظهروا علامات سوء تغذية». ولفت كاير إلى أن «85 ألف مدني لا يزالون في الحويجة ومحيطها، بينهم نحو 40 ألف طفلا، يواجهون الرعب حاليا والخوف من محاصرتهم في المعارك أو التعرض لقصف جوي. وبالنسبة لأولئك الذين يقررون الفرار، هناك خطر كبير من استهدافهم من قبل قناصة داعش أو أن يقتلوا بالألغام». وتقع الحويجة على امتداد طريقين رئيسيين يصلان بغداد بمحافظة نينوى وإقليم كردستان. ولقربها من محافظة كركوك الغنية بالنفط والمتنازع عليها بين حكومتين، فبالتالي لا يمكن فصلها عن خط الأزمة. من جهة أخرى، جددت وزارة الخارجية الأمريكية التأكيد على موقف الولاياتالمتحدة «الرافض بقوة» للاستفتاء على استقلال كردستان الذي تعتزم حكومة الاقليم العراقي الشمالي تنظيمه الاثنين على الرغم من اعتراض بغداد. وقالت الوزارة في بيان: إن «كل جيران العراق، ونظريا المجتمع الدولي بأسره، يعارضون أيضا هذا الاستفتاء». وأضافت الخارجية الأمريكية في بيانها: إن «الولاياتالمتحدة تحض القادة الأكراد العراقيين على القبول بالبديل وهو حوار جاد ودائم مع الحكومة المركزية تتولى تسهيله الولاياتالمتحدة والأمم المتحدة إضافة إلى شركاء آخرين، ويتناول كل المسائل العالقة بما في ذلك مستقبل العلاقة بين بغداد وأربيل». وحذرت الوزارة من أنه «إذا جرى هذا الاستفتاء فإن فرص حصول مفاوضات مع بغداد ستكون ضئيلة للغاية»، ملوحة بخطر توقف الدعم الدولي لهذه المفاوضات.