لم يعد غريبًا ولا مفاجئًا أن تجد من بين من يستخدم السوشيال ميديا من ينتحل أفكار أو مقولات أو عبارات بعض الأدباء والمفكرين والمشاهير وينسبها لنفسه، أو على الأقل يُهمل عن قصد أو غير قصد اسم قائلها لتبدو كما لو كانت من بنات أفكاره، التافهون، والفارغون، والنكرات يفعلون هذا، وقد قال نيلسون مانديلا: حينما يكون لديك نقص في الرأي فإنك قد تميل لاختطاف رأي غيرك إن لم يكن عندك وازع من خُلق، أو نحو هذه العبارة، لم أعد أتذكر النص بالضبط، لكنه ليس بعيدًا عن هذا المعنى إن لم تكن ذاكرتي قد هرمتْ. أقول: اننا قد نقبل إلى حدٍ ما مثل هذه العمليات من السطو البغيض عندما يكون اللص من النكرات ممن يُفتشون عن الحضور بأدوات غيرهم، طالما أن نظام حماية الملكية الفكرية عاجز عن ملاحقة أدوات التواصل الاجتماعي، وطالما هيّأت هذه الميديا المخيفة الفرصة حتى للأخرس والأبكم ومعتل الأول والآخر، وكل من يشاء أن يقول ما يشاء، لكن أن يحدث السطو من أسماء معروفة، وأحيانًا بشهادات عليا، فالأمر يحتاج فعلًا إلى إعادة نظر. مرات عديدة أجد، ويجد غيري بالتأكيد أجزاء ومقاطع كثيرة من أقوال الأديب والمفكر الراحل د. غازي القصيبي من كتابه «حياة في الإدارة» في تويتر وفي الواتس اب تحت أسماء أخرى، ودون أي إشارة إلى المصدر، وآخر ما اطلعتُ عليه في هذا السياق نص للشيخ الراحل علي الطنطاوي تحت اسم دكتور معروف، ولو إنه حاول التذاكي على القارئ عندما قدّم النص على أنه معلومة منه دون الإشارة لا من قريب ولا من بعيد لصاحب النص أو الرأي، رغم أن إهمال ذكر المصدر وتنصيصه يُعتبر انتهاكًا صارخًا لحقوق الملكية الفكرية، والمسألة لم تعد تتوقف على عدد محدود من السرقات، بعد أن تحوّلتْ ساحات التواصل الاجتماعي إلى ساحات للغزو والسلب والنهب دون حسيب ولا رقيب، حتى بتّ أشعر أن هنالك من تخصص في نبش القبور، واشتغل في تقليب ونفض أكفان الموتى، ومصادرة أقوالهم، لا بل هناك من بات يسطو حتى على الأحياء دونما خجل أو حياء، أما الخواجات فأقوالهم متاحة للجميع؛ لأن الجماعة على يقين أنه حتى الأحياء منهم ليس بوسعهم متابعتهم، أو كشف سرقاتهم للأسباب التي تعرفونها كلكم. كان الشعراء في الماضي هم الذين يشتكون اللصوصية، وتعرّض نصوصهم للسرقة، لكن تغيّر الزمن، وأصبحت سرقة الأفكار والأقوال وحتى التغريدات على رؤوس الأشهاد و «مافيش حد أحسن من حد».