الهدنة المشبوهة التي صاغتها ميليشيا حزب الله الإرهابية اللبنانية وخططت لها طهران، ونصت على انسحاب نحو 600 مقاتل من تنظيم داعش وعائلاتهم من منطقة جبلية لبنانية على الحدود السورية، وكما أثارت غضبا عارما في لبنان، تبعها رفض عراقي نيابي وشعبي، أكد أن الاتفاق يعتبر عدوانا على البلاد. واعتبر رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي أن الأمر «مقلق جدا، وغير مقبول»، مؤكدا أنه «إساءة للشعب العراقي، وأن العراق يواجه التنظيم المتطرف ولا يرسل عناصره إلى سوريا، كما فعلت ميليشيات حزب الله وقوات النظام السوري بإرسال مزيد من الإرهابيين إلى الحدود السورية العراقية». ومهد تصريح العبادي، الثلاثاء، حول رفض بلاده الصفقة التي أبرمت بين ميليشيات حزب الله وتنظيم داعش الإرهابيين برعاية النظام السوري، والتي قضت بنقل عناصر التنظيم من الحدود اللبنانية السورية إلى الحدود العراقية السورية، الطريق للعديد من الانتقادات التي تصاعدت؛ مطالبة العبادي برفض الصفقة والمطالبة بإلغائها. واعتبر ائتلاف الوطنية العراقية أن سحب داعش إلى الجانب العراقي يمثل خطرا مباشرا على البلاد، واتهم نائب البرلمان العراقي، علي البديري، الحكومة العراقية ونظام الأسد بالتآمر على شعب العراق جراء تغاضيهما عن تلك الصفقة. وقال البديري، الذي يعتبر عضوا في الكتلة النيابية لائتلاف «الوطنية» بزعامة نائب رئيس العراق، إياد علاوي، في حديث ل«السومرية»، الثلاثاء: «إن الاتفاق الذي حصل بين حزب الله اللبناني والنظام السوري بكل بساطة مؤامرة على العراق». بدوره حذر النائب محمد الكربولي، عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية من تلك الصفقة، وقال: «إن صفقة حزب الله مع داعش كشفت أن التنظيم تدعمه دول، لا علاقة لها بالمكون السني في العراق»، ودعا رئيس الحكومة العراقية إلى أن يكشف للشعب؛ من هو صديق العراق، ومن هو العدو الحقيقي. ووصلت ترددات «فضيحة» انخراط ميليشيات حزب الله الموالية لإيران في مفاوضات مع داعش إلى العراق، الذي ندد على لسان مسؤولين وناشطين بهذه العملية التي أدت إلى نقل متطرفين إلى الحدود السورية العراقية على مرأى من قوات الأسد وتحت حمايتها. إلى ذلك، وصف عضو مجلس رئاسة تحالف القوى الوطنية العراقية، والأمين العام لحزب الحق الوطني أحمد المساري، الصفقة بالعدوان السافر على العراق، وقال: «إن عملية نقل عصابات داعش الإرهابية بالاتفاق بين نظام الأسد وميليشيا حزب الله من جهة مع تنظيم داعش ونقلهم الى الحدود العراقية وبشكل علني؛ وأمام أنظار العالم دون خوف أو إعطاء اعتبار للعراق يمثل مؤامرة على بلادهم من أجل إلحاق الأذى بها». من جانبه، أكد سعد الحديثي، المتحدث باسم الحكومة العراقية، أن بلاده تجري اتصالات مع النظام السوري بشأن اتفاقية الميليشيا اللبنانية وداعش، وأضاف: «إن الحكومة ترفض هذه الصفقة أو المساس بأمن المدن العراقية من خلال وجود عناصر التنظيم في منطقة البوكمال على حدود البلدين». وعلى الجانب اللبناني، فقد اعتبرت تيارات وأحزاب عدة أن ميليشيات حزب الله أنقذت داعش من خسارة محتمة، وسرقت فرحة الانتصار الكامل الذي كان سيحققه الجيش اللبناني في العملية التي أطلق عليها «فجر الجرود». وما زاد من حدة الغضب اللبناني، أن الشق الثاني من الاتفاق نص على تحديد موقع رفات 8 جنود لبنانيين أسرهم مسلحو تنظيم داعش عام 2014 وقتلوهم بعد أكثر من سنة، كل ذلك؛ مقابل إطلاق سراح أسير من ميليشيات حزب الله وجثة مقاتل إيراني. وأعادت وسائل إعلام لبنانية معارضة للحزب نشر تصريحات سابقة لمسؤولين منه ترفض التفاوض مع داعش أو أي تنظيم إرهابي، ومن بينها ما خرج عن محمد رعد النائب اللبناني عن الميليشيات الموالية لإيران في 2014، الذي أعرب صراحة عن رفضه «الخضوع لمنطق المقايضة والمبادلة فيما يتعلق بملف العسكريين المختطفين». وكانت الميليشيات قد أدانت نهاية 2015، عملية التفاوض مع جبهة النصرة أفضت عن الإفراج عن 16 عسكريا كانوا مختطفين في جرود عرسال شرق لبنان على الحدود السورية، وما زاد التضارب والتأكيد على السير وفق مخططات إيران وما تقتضيه مصالحها العليا، خاض الحزب بعد سنتين تقريبا وتحديدا مطلع أغسطس الجاري، مفاوضات مع جبهة النصرة نفسها في جرود عرسال بعد خوض الطرفين معركة، اعتبرها مراقبون مجرد مسرحية انتهت بانسحاب الجبهة إلى سوريا. والاتفاق المضحك مع جبهة النصرة، نص أيضا على إطلاق أسرى من حزب الله مقابل الإفراج عن 3 محكومين بقضايا إرهاب في السجون اللبنانية، الأمر الذي أثار علامات استفهام بشأن موافقة القضاء على تنفيذ التزامات ميليشيات مسلحة.