قلنا: إن مراقب الحسابات يمارس أهم أوجه الحماية للشركة على وجه الإطلاق وذلك نظراً لما يتمتع به من استقلال وحيادية في ممارسته عمله، وإذا كان الأمر كذلك فإنه لا بد أن يكون ممتثلاً للمهام والواجبات المنوطة به والتي نتناولها في هذا المقال: ● مهام مراقب الحسابات: حيث إن الهدف الأساسي من عملية مراجعة الحسابات هو التأكد من صحة البيانات المحاسبية المسجلة والمعلنة، والحصول على رأي محايد عن مدى دلالة القوائم المالية المفحوصة على نتيجة أعمال الشركة من أرباح أو خسائر وعن مركزها المالي، فإن مهمة مراقب الحسابات الأولى والأهم هي فحص الميزانية وحساب الأرباح والخسائر، وهى مهمة ملقاة على عاتقه يباشرها على نحو متصل طوال فترة وظيفته، ويلتزم بالمراجعة المستمرة والمتكررة للحسابات منذ تاريخ تعيينه إلى تاريخ انعقاد الجمعية التالية. وكون مراقب الحسابات يقوم بالمراجعة المستمرة، فإن ذلك لا يعطيه الحق في التدخل في الإدارة الداخلية أو الخارجية للشركة أو تقدير ملاءمة قرارات مجلس الإدارة أو المديرين، حيث إن ذلك خارج عن مهامه المفروضة عليه، إذ أن دوره ينحصر في مراجعة الحسابات والميزانية ومراقبتها. ومع ذلك فله الحق في توجيه النصح والإرشاد إلى مجلس الإدارة، والتنبيه إلى مواطن الخلل التي يعتقد وجودها. وبالإضافة لما سبق من المهام العامة الموكلة لمراقب الحسابات، فإن هناك مهام خاصةً لمراقب الحسابات مثل التأكد من أن أعضاء مجلس الإدارة يملكون أسهم الضمان ومن أن التعديلات في نظام الشركة تتفق مع القانون، والدعوة إلى الجمعية العامة للانعقاد إذا أهمل مجلس الإدارة ذلك. ولكون مراقب الحسابات يمارس مهمته في رقابة حسابات الشركة، فإنه لا بد له من حقوق يستطيع من خلالها أن يمارس عمله وينجز مهمته بكل يسر وسهولة. وقد نص نظام الشركات في المادة (134) منه على منح مراقب الحسابات هذه الحقوق، والتي منها الحق- في أي وقت- في الاطلاع على دفاتر الشركة وعقودها وسجلاتها ومستنداتها كما يحق له طلب كافة المعلومات التي يرى أنها من ضروريات ممارسته لمهنته للتحقق من موجودات الشركة والتزاماتها. ● واجبات مراقب الحسابات: يمكن إجمالها في أربعة واجبات، منها واجبان نص عليهما نظام الشركات السعودي وواجبان يعتبران من لوازم هذه المهنة لدى شراح القانون والسلك القضائي. أما ما نص عليهما المنظم السعودي، فالأول- وفق نص المادة (135) من نظام الشركات- هو تقديم مراقب الحسابات تقريره السنوي الى الجمعية العامة المتضمن قيامه بفحص دفاتر الشركة ومراجعة حساباتها وميزانيتها وتحقيق موجوداتها والتزاماتها، وما ينتهي إليه من نتائج وما يراه من توصيات، مع تحفظنا على قصور هذه المادة عن وضع نقاط محددة ومفصلة للتقرير كما هو معمول به في القوانين المعاصرة حولنا. والثاني- وفق نص المادة (136) من نظام الشركات- هو عدم إفشاء أسرار الشركة سواءً إلى المساهمين أو إلى الغير من خلال قيامه بعمله. وأما الواجبان الآخران اللذان يعتبران من لوازم المهنة: فأولهما: بذل العناية الواجبة التي تقتضيها الأصول المهنية: وذلك أن التزام مراقب الحسابات بالمراجعة المستمرة والمتكررة للحسابات طيلة السنة المالية يعني الصلة المستمرة بالشركة الخاضعة لرقابته والذي بدوره يكفل له معرفة كاملة ومتعمقة بنظم الشركة وإدارتها وطبيعة المشكلات التي تواجهها وهذا بدوره يفرض العناية التي تستوجبها أصول المهنة منه اتجاه الشركة والتي سيتحمل عواقب الإخلال بها من خلال إلزامه بالتعويض عن الأضرار التي ترتبت على إخلاله ببذل العناية الواجبة. وقد حكمت محكمة فرنسية على مراقب حسابات- أخلّ بمهمة بذل العناية الواجبة عليه اتجاه حسابات الشركة- بدفع تعويض عن الأضرار التي لحقت بالشركة جرّاء إهماله، مستندةً في حكمها على أن مراقب الحسابات لم يتخذ خلال فترة تسعة أشهر أي إجراء لفحص ومراجعة حسابات الشركة الخاضعة لمراقبته، وسنأتي على ذكر تفاصيل هذا الحكم في المقال القادم عند الحديث عن المسؤولية المدنية والجنائية على مراقب الحسابات. علماً بأنه تجدر الإشارة هنا إلى أن الواقع العملي يُشير إلى تحكم إدارة الكثير من الشركات بطريقة التعامل مع مراقب الحسابات الخارجي، ومثال ذلك أن يطّلع على القائمة الربعية للشركة ويُبدي عليها عشرين ملاحظة تحتاج إلى إجابة ليبني عليها تقريره، فيتم الرد عليه في ثلاث أو أربع ملاحظات، ويقال له دع عنك البقية فهي ليست بذات أهمية نسبية ونحوه من الأعذار الشفوية، فيستجيب لهم خشية ألا يتم ترشيحه للسنة القادمة. وثانيهما: التحذير من الأخطار: وهذه تسمى المهمة الجديدة لمراقب الحسابات، وهي تتعلق بتحذير وتنبيه مسؤولي الشركة بالخطر الذي يهدد استمرار نشاط الشركة بسبب واقعة معينة أو يهدد مصالح المساهمين أو كان هناك خطر جدي على مصالح الدائنين، أو إذا لاحظ المراقب تزايداً مستمراً في الوضع الحرج للشركة. وهذا الواجب الإضافي الملقى على عاتق مراقب الحسابات أتى به قانون الشركات الفرنسي في المادة (230) منه ووصفه بصيحة الإنذار والتحذير الداخلي. ولكي يشجع المشرع الفرنسي مراقب الحسابات في القيام بهذه المهمة الجديدة دون الخوف من التعرض للمساءلة، فقد أعفى قانون سنة 1984م مراقب الحسابات من العقاب عند قيامه بهذا الواجب. وللأسف فإن النظام السعودي لا يتضمن حكماً ونصاً مماثلاً لما في القانون الفرنسي بخصوص هذا الواجب وهذه المهمة الإضافية لمراقب الحسابات التي فيها مزيدُ حمايةٍ لمصلحة الشركة والشركاء والدائنين على حدٍ سواء.