قال القاص والروائي عبدالله الوصالي إن الروايات السعودية تعاني فقرا حقيقيا في توظيف الحدث التاريخي، مشيرا إلى أنه لا يتحدث عن الخطوات والسياسات والإجراءات التطبيقية للفن الروائي، بل كيف يمكن لكل روائي أن ينتزع الحدث التاريخي من مكانه، ثم يوظفه توظيفا روائيا جيدا، مبينا أن ذلك يخضع لوعي الكاتب نفسه، وقراءاته، وهضمه للحقائق التاريخية، وإعادة توظيفها من جديد. وذكر الوصالي في حديث إلى "الوطن" أن الروائيين السعوديين لا يقرأون في النقد، وهذا يؤجل نضوج الرواية السعودية، حيث يعد النقد جسر عبور لأي عمل فني، مضيفا أنهم "يعتقدون أنهم مكتفين بكتابة الرواية أو قراءتها". وأشار الوصالي إلى أنه "لا شك في أن الكاتب الروائي يظل مبدعا كونه يصنع عملا فنيا إبداعيا من العدم على اختلاف مفاهيم الجودة في أي عمل روائي، بينما يظل الناقد يعمل على عمل فني جاهز أمامه". وقال إن "مصطلح الرواية التاريخية انتهى في الوقت المعاصر، وإن ما كان يقوم بعمله جورجي زيدان الذي يعد من الروائيين الذين اعتنوا بالرواية التاريخية أنه يأتي بالحدث التاريخي كما هو، ثم يصوغ حوله أمورا هامشية من أجل ترغيب القرّاء في قراءة التاريخ، بمعنى أن هناك حالة نفعية في توظيف العمل الفني، وكان هناك قصد مضمر حقيقي داخله ليس لكتابة الرواية، بل لكتابة التاريخ في صورة شيقة"، مشيرا إلى أن أغلب كتاب الرواية ينبغي عليهم حين توظيف الحدث التاريخي في الرواية أن يعوا هل يوظفونه كما هو؟ وهل يجب الاعتماد على الرواية في توثيق الحدث التاريخي؟ وهل نقرأ الرواية على أنها توثيق للحدث التاريخي أم غير ذلك؟ وبيّن الوصالي أن الحدث التاريخي لا بد من قطعه من سياقه الوصفي القديم، ثم وضعه في وظيفة جمالية بحيث لا نزيّف التاريخ، ولا نؤثر على السياق التاريخي، فهناك اختلاف بين التاريخ والرواية، وقال "الرواية كيان خاص يتم توظيف الشعر والأسطورة واللغة والتاريخ فيه". وأضاف "الإسقاط لأي حدث تاريخي في الرواية يستوجب إعادة خلقه من جديد، وتوظيفه في أحداث راهنة.. وأنا ضد إعادة التاريخ كما هو، بل ينبغي أن يُقرأ ويعاد بما يشحذ الهمم، ولا يجعلنا جامدين، والتوظيف التاريخي ينبغي ألا يكون مزيفا أو مخدرا للواقع". وبين أن رواية "ساق الغراب" ليحيى امقاسم لم تكن رواية بمعنى الرواية، بل كانت بحثا أنثروبولوجيا تحدث فيها عن الجنوب والعرضات والطعام وافتقدنا فيها الحدث الروائي، وكذلك الحال مع القص الشعبي وأسطورة "أبو زيد الهلالي"، فهناك أكثر من رواية لهذه الشخصية الشعبية التي كانت أقرب للأسطورة، وأعطت نوعا من المرونة، وتم توظيفها أكثر من الواقع التاريخي، مشيرا إلى أن الأسطورة مرنة جدا في التوظيف، لكن التاريخ ينبغي أن يكون أكثر مهنية عند توظيفه في الفن الروائي.