يرى عدد من المثقفين أن تبادل الاتهامات والسب والشتم عبر المواقع الاجتماعي لا طائل من ورائها، بل هي ساحات ومواقع ثقافية مثمرة وبناءة وإذا حدث نقاش يجب أن يكون في حدود الأدب واللياقة المعرفية ولا يجوز إثارة مواضيع تشغل المثقف، فهناك مواضيع جوهرية عميقة أهم وأكثر إلحاحا للنقاش والحوار من مواضيع هامشية وليس لها أي مردود ثقافي ومعرفي. في البداية تحدث الكاتب خالد قماش: لم لا تكون هذه القنوات ساحات عراك ثقافية مثمرة وبناءة ..في حدود الأدب واللياقة المعرفية؟ ، أنا أعتقد أن هذه المهاترات التي انتقلت من صفحات الصحف الورقية إلى هذا الفضاء الالكتروني المهيب ما هي إلا خطوة لتصحيح ما أفسدته الرقابة من القص والمصادرة ، وهذا بحد ذاته مؤشر على رفع سقف الحرية ومعدل الوعي الجمعي. الاختلاف في الرأي فقط فيما يرى القاص والمسرحي محمد ربيع : ان الاختلاف بين المثقفين ينبغي أن يكون اختلافا في الرأي حول مسائل وقضايا فكرية فقط، ولهم اختيار القناة التي يفضلونها للتعارك الفكري فيما بينهم، سواء كانت على صفحات «فيس بوك» أو عبر «تويتر» أو عبر الصحف السيارة و منابر الأندية والصوالين الثقافية، وكم شهد مجتمعنا الثقافي من معارك شغلت الناس وأثرت الحراك الثقافي من أشهرها ما دار بين المرحوم عبد القدوس الأنصاري ومعارضيه حول ضم جيم جدة، أما الخلاف حول قضايا شخصية وقضايا سلوكية عامة فمكانها أضيق المجالس وأبعدها عن العامة كالنقاشات التي دارت بين المرحومين حمد الجاسر وعبدالكريم نيازي، أو نقاشات البهو التي دارت منذ أيام. الحوار هو الأساس في حين يرى الروائي والتشكيلي أحمد المغلوث :لاشك أن الفيسبوك بات في السنوات الأخيرة ميدانا للنشر متميزا بالشفافية والوضوح مع قدر كبير من الحرية وبالتالي هناك من يسيء استخدام هذه الحرية في النيل من البعض من خلال كيل الاتهامات الممجوجة لهذا و ذاك من زملاء الثقافة بعيدا عن الحوار البناء والهادف، المطلوب من الجميع كون الحوار هو الأساس في العملية النقدية التي تهدف للإصلاح وتحقيق الأهداف التي يسعى إليها الجميع في بناء ثقافة مثالية ومتوازنة تضع نصب عينيها المصلحة العامة .. ومن هنا نكتشف أن الذي يبتعد عن الهدف المنشود في النقد والحوار يعتبر كمن يغرد خارج السرب .. سرب الوعي والثقافة والوطنية المنشودة. الجدل العقيم أما الشاعر أحمد قران فيرى: إنه لا شك أن وسائل الإعلام الحديثة أتاحت فضاء أوسع من وسائل الإعلام التقليدية للتعبير عن آراء الناس وأفكارهم بحرية مطلقة، وبدون رقابة أو تحكم من أية جهة كانت، لكن إذا لم تحكم أخلاقيات المثقف والعالم هذه الأطر فإن الثقافة في هذه اللحظة تصبح انتكاسة أخلاقية.. لهذا فإن النقاش العقلاني والواعي والأخلاقي أيضا في وسائل التواصل الاجتماعي قد يؤدي إلى نتائج إيجابية لأن الآراء لن تكون ساعتها محكومة إلا بالأخلاق في الحوار، لكن إذا خرجت عن هذا الإطار فإن الجدل سيصبح عقيما وخارجا عن الذوق ولن يمثل إلا صاحبه، لكنني أرى أن الحوار المباشر سيكون مفعوله إيجابيا ولكن بقدر ما يعي المتحاورون دورهم ومنهج الحوار واحترام بعضهم البعض. التعلم من الأدب القرآني فيما يؤكد الشاعر رائد الجشي: من السهل جدا أن تسرد سيلا من الشتائم أو الفضائح مع زيادة ما يحلو لك من بهارات تناسب المتذوقة عند تلقيها وتعيد تغيير البنط وتضيف الصور والوثائق دون أن يقاطعك أحد أو يعترض على مبالغة ما مثلا أثناء الكتابة وإن كانت له القدرة على الرد لاحقا في بعض المواقع ولدى الكاتب القدرة أيضا على شطب وإثبات الردود التي تناسب قضيته. ويختم الجشي: لا أعتقد أن هنالك حاجة للتحدث وجها لوجه إن كان الحديث سيكون تراشقا واتهامات وليس استفسارا عن سببها أو صحتها ...ربما من الأفضل أن نتعلم من الأدب القرآني ونبدأ الحوار بفرض أننا قد نكون على صواب أو خطأ ونناقش لنتبين الأمر «وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين» وعند ذلك لا أجد فرقا في موقعية الحوار المكانية أو الرقمية وإن كنت سأفضله مباشرا لما للغة الجسد وطريقة نطق المفردات وتلقيها من أثر على فهم الحوار بشكل أفضل. سهولة انتشار المعلومة فيما يطالب الشاعر والناقد بسيم عبدالعظيم بضرورة الحوار المباشر: في ظروفنا الراهنة، حيث وسائل الاتصال الحديثة وسهولة انتشار المعلومة أيا كانت مصداقيتها. وأرى أن الحوار المباشر أفضل الوسائل لتبادل الآراء وتصحيح المفاهيم، والرد على الشبهات والإجابة عن التساؤلات، أما تبادل الاتهامات والسب والشتم فلا طائل من ورائها، ولا فائدة منها، علاوة على حرمتها الشرعية، حيث نفى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المسلم هذه الصفات من السب والشتم والفحش والبذاءة.