انتقل الفنان الكويتي الكبير عبدالحسين عبدالرضا إلى رحمة ربه، بعد صراع طويل مع المرض، وبعد أن ترك، لقرابة ثلاثة أجيال، ذخيرة من الكوميديا والدراما يصعب على موهبة غير موهبته أن تتركها. عاش هذا الرجل عمره المديد مخلصاً لنفسه ولفنه ولجمهوره في كل دول الخليج، التي ربما اختلفت شعوبها على أشياء كثيرة إلا أنها لم تختلف على (حسينوه) الذي حول القضايا السياسية والاجتماعية إلى نصوص ومسرحيات ومسلسلات ضاحكة ومضحكة على مدى عقود من الزمن. ليس هناك خليجي، في عمري أو أكبر أو أصغر مني، لم يتأثر بفنه أو لم يحب إطلالاته الفنية الكبرى التي تترك أثراً واضحاً شأن كل فن ناضج ومسؤول ومحترم. لم يعرف عنه، كما هو شأن كل العمالقة في جيله، الإسفاف أو التقليل من احترام الجمهور، أو ممارسة التفاهات لانتزاع الضحك كما هو حاصل الآن في كثير من الأعمال الفنية، الخليجية والعربية. كانت (كوميدياه) سهلة ممتنعة. وكانت مغلفة دائماً برقي الكبار الذين يفهمون الفن، فن التمثيل بالذات، على أنه ناقل لهموم الناس وتطلعاتهم وطموحاتهم، وليس ذلك الفن الذي يتم سلقه ليخرج رديئاً عفناً لا ينفع الناس ولا يمكث في الأرض. ولذلك تموت كثير من المسرحيات والمسلسلات الحديثة مع المشهد الأخير، بينما تظل مسرحيات ومسلسلات عبدالحسين ورفاقه مفتوحة على الزمن باعتبارها جواهر فنية لا تصدأ ولا تتقادم. يرحل عملاق الكويت والخليج، كما يرحل كل الكبار، محاطاً بالتقدير والحب والدعوات من كل شعوب دول الخليج. ويرحل بعد أن ترك مدرسة في فن التمثيل يصعب التخرج منها لغير الموهوبين بحق والمحترمين بجد.