تواجه منشآت القطاع الخاص بالمملكة تحديًا صعبًا خلال عامي 2017م - 2018م مما قد (يَرُجّ) القطاع بأكمله وتتناثر منه المنشآت الهشّة، فهم مُقبلون على عدة إصلاحات اقتصادية قد تُغيّر خارطة قطاع الأعمال ومواقع ريادييه أيضًا، في فترة قصيرة لا تحتمل رياحها الكثير من المنشآت، وسيتضح ذلك جليًّا حسب تقديري الشخصي في النصف الثاني من عام 2018م، فبدءًا بزيادة رسوم رخصة العمل (المقابل المالي) ومرورًا برسوم مرافقي الوافدين إلى «نطاقات» الجديد ومن ثم ضريبة القيمة المُضافة وانتهاءً برفع أسعار الطاقة. لذا فالتوطين لم يعُد خيارًا والاستهلاك يجب أن يخلع ثوب الرفاهية والدعم الحكومي يسير باتجاه توطين المحتوى المحلي ونقل المعرفة فقط، وسترتفع مستويات الخصخصة والتنافسية. لذا فالمسألة تحتاج لرجال مرحلة يستطيعون قيادة زمام أمور هذه الفترة الحساسة من عمر القطاع الخاص والتي تتطلب إدارة فذّة وفكرًا إبداعيًا مما سيعبر بتلك المنشآت لبر الأمان بإذن الله. فالمقابل المالي (رخصة العمل) والذي يبلغ حاليا 200 ريال شهريًا سيرتفع 300٪، حيث سيُصبِح في يناير 2018م 300 ريال شهريًا لكل عامل وافد في المنشآت ذات العمالة الأقل من أعداد السعوديين و400 ريال شهريًا لكل عامل وافد في المنشآت ذات العمالة الفائضة عن أعداد السعوديين، وتزداد تلك الأرقام إلى 500 ريال و600 ريال على التوالي عام 2019م، وتصبح 700 ريال و800 ريال على التوالي عام 2020م إلى أن تصبح تكلفة تجديد الإقامة للعامل الوافد بين 9-10 آلاف ريال سنويًّا كي تزداد تكلفته مقابل تكلفة السعودي، لذا لا بديل للمنشآت عن وضع برامج تأهيلية للسعوديين لإحلالهم مكان الوافدين حسب الوظائف المتاحة بالتعاون مع صندوق تنمية الموارد البشرية. والأمر الآخر الذي بدأ تطبيقه مطلع الشهر الماضي وهو رسوم مرافقي الوافدين والذي لا أرى له أثرًا كبيرًا إلا على فئات محدودة من الوافدين في عامي 2019م -2020م، حيث تم تحديد مبلغ 100 ريال شهريا لكل مرافق، تزداد العام المقبل لتصبح 200 ريال، ومن ثم 300 ريال و400 ريال شهريًا عامي 2019م و2020م على التوالي مما سيدّر على الدولة مليارات من الريالات وسيخفف الكثير من الضغوطات على البنية التحتية. وكتحدٍ من نوع آخر سيكشِّر نطاقات الجديد عن أنيابه بتاريخ 12 من ذي الحجة القادم، حيث اتسم بمستويات توطين يراها البعض عاطفية والبعض الآخر يرى أنه مُبالغ فيها خاصة أن نطاقات الموزون سيراقب مستويات الرواتب وأعداد الإناث أيضًا، علما بأن أمرًا إستراتيجيًا كالتوطين يجب ربطه بمخرجات التعليم ومستوى تأهيل المواطنين إضافة لتكلفتهم. وفِي يناير 2018م أيضا ستبدأ الهيئة العامة للزكاة والدخل بتطبيق ضريبة القيمة المضافة VAT التي تشمل أغلب المنتجات والخدمات حيث (شَمَّرت) هيئة الزكاة عن ساعديها بإصدار عقوبات للتهرّب الضريبي قبل إصدارها اللائحة التنفيذية والتي تُفسِّر هذه الضريبة، لكن على العموم ستضيف هذه الضريبة مليارات للناتج المحلي للدولة. وأخيرًا وليس آخرًا من المتوقع أن ترتفع أسعار الطاقة (الوقود والمياه والكهرباء) في بداية عام 2018م لتعزيز مستوى الترشيد الاستهلاكي والذي سيوفّر للدولة عشرات المليارات من الريالات وقد يكون الناقلون هم الخاسر الأكبر من رفع أسعار الطاقة خاصة الوقود. فما الحل؟ فخفض مستويات الجودة أو الكميات ليس حلًّا خاصة في ظل ازدياد وعي المواطنين ورقابة وزارة التجارة، والتلاعب بالأسعار وتحميل المستهلك النهائي تلك الزيادات لا يعتبر حلا أيضًا لأنه قد يخرجك من المنافسة، والاحتكار أو الاتفاق على تثبيت مستوى أسعار معيّن سيكون له مجلس المنافسة بالمرصاد، لذا لا حل سوى تحمّل المسؤولية بجرأة وثبات والبعد كل البعد عن (البكائيات) كي نستطيع القول لاحقا إن البقاء فعلا للأقوى.