أصدر الكاتب والمؤلف الكويتي مشعل بن عثمان المزعل السعيد كتابه الجديد الذي يحمل عنوان «المرسى، كلمات لا تُنسى»، وقد جاء في 389 صفحة من الحجم المتوسط، والجدير بالذكر أن هذا الكتاب الصادر في طبعته الأولى عام 2017 للميلاد، يُعدُ الإصدار الثالث للمؤلف بعد كتابه «بيت سائر قاله شاعر» بجزءيه: الأول والثاني. جاء في مقدمة المؤلف أن «كتاب المرسى، يحتوي على أكثر من مائة وعشرين عبارة ومثلًا، كثيرون من الناس لا يعرفون معانيها، وأغلب هذه العبارات والأمثال والجُمل نُسِيت ولم يعُد يتذكرها أحد».. ثم يواصل مشعل السعيد التعريف بكتابه الذي بين أيدينا «وهذا الكتاب يختلف عن كتب اللهجة السابقة، وستلاحظون ذلك خلال مطالعتكم له، لأن طريقته جديدة، ففيه طرح للعبارة، وشرح لمعناها، وذكر المرادف لها، وتوضيح أصل العبارة إن كانت مأخوذة من اللغة العربية أو سواها، وإيراد أبيات تشمل هذه العبارة، عربية كانت أو شعبية» وهذا تبيان من قبل الكاتب يكشف طريقته المنهجية في رسم الخطوط العامة لهذا الكتاب. وقد جاءت بعد هذه المقدمة كلمة اللواء المتقاعد فهد السعيد الذي أبدى إعجابه بالكتاب وأوضح جوانب الاستفادة منه من خلال التطرق لموقف الجيل الحالي المعاصر والجيل المخضرم الذي شهد الماضي والحاضر، منوها إلى أن موضوع هذا الكتاب في غاية الأهمية، كما «أن بإمكان الباحث أو المهتم بمثل هذه الأمور الرجوع إلى كتاب (المرسى) لينهل من عبابه، ويستشهد بعباراته لعمل بحثه وإيجاد مبتغاه؛ لأن فيه ربطا واتصالا بين الأجيال». لقد كانت طريقة المؤلف في تناوله مفردات هذا المصنف الجديد الصادر له هذا العام معتمدة على تسلسل الحروف الهجائية، غير أنه لم يأتِ بكل الحروف، فحروف مثل «الثاء - الضاد - الظاء» لم يكن لها حضور في محتويات الفهرس وفي داخل الكتاب، وكأني بالمؤلف السعيد لم يقع على الأمثال والعبارات والجُمل التي تستحق التواجد في كتابه؛ لذا فضّل إقصاء هذه الحروف، أو ربما أنه لم يجد ضالته في هذا الشأن. مَن يتصفح كتاب «المرسى، كلمات لا تُنسى» سيكتشف أنه كتاب أمثال في أغلب مكوناته الداخلية ككتب الأمثال العربية والشعبية التي وضعها المؤلفون والباحثون قديما وحديثا، غير أن السعيد لم يأتِ بها وفق ما كان متعارفًا عليه، حيث انتهج لنفسه طريقة جديدة في إيصال المعلومة، فقد جاءت مباحث هذا الكتاب على شكل مقالات مستقلة، كل مقال جاء على حدة في معزل سياقي عن المقالة التي تسبقه أو تليه، علاوة على تطرقه لعبارات وكلمات لا صلة لها بالأمثال، وإنما جاء بها من أجل حفظها من النسيان، وألا تسقط من ذاكرة الأجيال، أمثال هذه العبارات والأمثال «إذا فات الفوت - انطح الصياح بصياح تسلم - بين حانة ومانة، ضاعت لحانا - جبر الخواطر على الله - الخارش والوارش - الركادة زينة - الشيوخ أبخص - فداك اللاش - قلعة وادرين - ما بالحمض أحد - هديب الشام - هونها وتهون» وغيرها من هذا النوع الذي توقف المؤلف مشعل السعيد عندها، وتناولها بالشرح والتفصيل. الملاحظة التي يمكن تسجيلها على هذا الكتاب، رغم الجهد المبذول الذي قام به المؤلف لخدمة التراث الشعبي والثقافة الشعبية في بلده الكويت خاصة أو في إقليمه الخليجي أو محيطه العربي بشكل أوسع أنه أهمل جانب تثبيت المراجع، وتوثيق المعلومة، خاصة أن كتابًا بمثل هذا الثراء الشعبي يتطلب من المؤلف ومن سواه تثبيت المعلومة بالمرجع أو المصدر، لكي يستفيد الباحثون والدارسون من هذا الكتاب بشكل أكثر. وفي ختام هذه الوقفة فإن هذا الكتاب يعتبر بحق طرحًا جديدًا في تناول الكلمات والجُمل الشعبية، وما في هذه الأمثال والعبارات التي تناولها الكاتب من ثراء معرفي وتنوّع ثقافي، وخبايا معلوماتية دأب السعيد على الكشف عنها، وطرحها بعد ذلك بين يدي القراء بطريقة سلسة وأسلوب شيق.