من المقرر أن يلقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاثنين كلمة أمام البرلمان الملتئم بمجلسيه في قصر فرساي ليعرض الخطوط العريضة لولايته من خمس سنوات، في بادرة موضع جدل تكشف بنظر منتقديه عن التوجهات «الملكية» لرئيس الدولة الجديد. ويخاطب الرئيس -الذي انتخب في مايو رسميا- أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، فيما أفاد مصدر قضائي الاثنين بأنه تم توقيف رجل قريب من عقيدة اليمين المتطرف هدد بقتل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون خلال العرض التقليدي في 14 يوليو في باريس ووجهت إليه التهم وأودع السجن السبت. والرجل البالغ من العمر 23 عاما أوقف في 28 يونيو في ضواحي باريس وسبق أن أدين بتهمة تمجيد الارهاب ويصف نفسه بأنه «قومي»، حاول اقتناء سلاح ناري ووجهت إليه تهمة «عمل فردي إرهابي». ووضع الرجل قيد الحجز الاحتياطي، وقال: إنه كان ينوي مهاجمة رئيس الجمهورية وأقليات مثل «مسلمين ويهود وسود» بحسب مصدر مقرب من التحقيق. وبالرجوع لخطاب ماكرون، فقد أوضح المتحدث باسم الحكومة كريستوف كاستانير أن كلمته ستكون شبيهة ب«خطاب الاتحاد» الذي يلقيه الرئيس الأمريكي كل سنة أمام الكونغرس. وقرر ماكرون أن يجعل من هذا الخطاب الرسمي والاستثنائي -الذي لم يلجأ إليه سلفاه نيكولا ساركوزي (2007-2012) وفرنسوا هولاند (2012-2017) سوى مرة واحدة لكل منهما- تقليدا سنويا، متخليا عن المقابلة التلفزيونية التقليدية في 14 يوليو، يوم العيد الوطني الفرنسي. وتأكيدا على موقعه الطاغي، اختار ماكرون إلقاء كلمته عشية إعلان السياسة العامة الذي سيصدره رئيس وزرائه إدوار فيليب، حاجبا عنه الأضواء. وقرار الرئيس الذي لم يخف رغبته في ترميم عظمة المنصب الرئاسي، يثير انتقادات في البرلمان. وحذر رئيس كتلة نواب حزب «الجمهوريين» اليميني كريستيان جاكوب الأحد ماكرون من ممارسة «سلطة بلا منازع»، مشددا على أن مداخلته الاثنين «ستنسف حكما مداخلة رئيس الوزراء» الآتي من صفوف «الجمهوريين». وأعلن زعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون أن نوابه ال17 سيقاطعون اجتماع البرلمان، معتبرا أن ماكرون «تخطى عقبة في ضخامة حجم الملكية الرئاسية». من جهته قال رئيس النواب الاشتراكيين أوليفييه فور: «الرئيس يخطب، لكن لا يحق لأحد استجوابه أو مناقشته. النواب تحولوا إلى مشاهدين». ويواجه الرئيس انتقادات الصحافة الفرنسية التي عمدت السلطات الجديدة إلى إبعادها. فكتبت صحيفة «لو باريزيان» الأحد «الرئيس الفائق. يقرر كل شيء، يحتكر الكلام، يسيطر على الاتصالات»، بعد ما كانت صحيفة «ليبراسيون» اليسارية عنونت قبل ثلاثة أيام «ماكرون، ملك بلا منازع». وعلى صعيد المواضيع الجوهرية، من المتوقع أن يتطرق الرئيس الوسطي والمؤيد لأوروبا إلى إصلاح سوق العمل الذي يعتزم تليين قواعده من خلال أوامر رئاسية، بدون طرحها للنقاش في البرلمان. كما أن خطابه قد يذكر بخطاب شهير ألقاه جيرهارد شرودر في 14 مارس 2003 وأعلن فيه «الأجندة 2010». وكان المستشار الألماني في حينه تنبأ بدماء ودموع لمواطنيه، لكنه مهد الطريق لعودة العمالة الكاملة في ألمانيا. كما أنه قد يذكر ب«قانون الوظائف» للإيطالي ماتيو رنزي أو بالإصلاحات الليبرالية التي باشرها ديفيد كاميرون في بريطانيا.