حين زيارتنا جبل أم سنمان بمدينة جبة بمنطقة حائل، ومشاهدتي تلك النقوش التي حفرها ورسمها ذلك الإنسان البدائي، أدركت أن الفن قديم وأزلي منذ خليقة الإنسان، وحين قراءتي بدايات الفنون وما بعد الفنون البدائية عرفت أنهم عانوا كثيرًا لإبراز قدراتهم الفنية، فبدأ بالفحم حتى الألوان التي كانت تُصنع من النباتات حتى الدهون والزيوت التي كانت تساعد في خلط الألوان، وتخطى الفنان تلك المرحلة حتى أصبح يرسم كل مظاهر الحياة ويوثقها، وها نحن اليوم أمام تاريخ زاخر بالمعطيات التي تترجم حقبة زمنية وتاريخا زمنيا طويلا جداً. ولم يركن الفنان للفن الأرستقراطي فخرج يرسم في الهواء الطلق، وكسر هيبة فناني القصور، وبدأ الفن الحديث نحو المدارس الفنية الحديثة، حتى أتى مَن يخالف كل هذه الفنون، ويظهر لنا الفنان دوشامب بمبولته التي أحدثت تغيرا كبيرا في مفهوم الفن، وبدأ الفنانون في صراع الحفاظ على جمال الفن أم مبولة دوشامب والتحول الفكري ما بعدها. وبعدها ظهر فن ما بعد الحداثة وفن الفكرة وفن الفيديو، وغيرها من الفنون، بعضها يؤرخ لحقبة زمنية آنية يتفاعل معها مسوّقو الفن، وبعضها يتطور نحو أفق بعيد من الممكن الوصول به لفن يخاطب العقل والفكر والوجدان معاً. وها نحن اليوم نشهد فن الضوء، هذا الفن الجميل الرائع الذي يحكي قصة تشاهدها لتستمتع، تشاهدها وأنت تحلم وتفكر بكل لحظة رسمها الضوء على الماء أو الهواء أو الأسطح والجدران، وهو بهذا يحرض الفنان على الخوض في تجارب خلاقة تتعدى حدود اللوحة المسندية التي نتمنى لها البقاء في متاحفنا ومعارضنا المحلية والدولية، وهي موجودة في متاحف العالم يزورها مئات الآلاف كل يوم، ويكتب عنها العديد من الكُتاب، ويخاطبها العديد من الوجدان.