أثبتت وقائع الأحداث عقب المقاطعة الخليجية والعربية للدوحة بسبب رعايتها للإرهاب وتحالفها غير المعلن مع المخططات الإيرانية عن الصلات الوثيقة بين ميليشيا حزب الله اللبنانيوقطر. ولم تخرج هذه العلاقة عن سياق تصريحات أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني التي نقلتها الوكالة القطرية الرسمية حينما وصف الميليشيا اللبنانية بأنها «حركة مقاومة»، وقال إنه «ليس من الحكمة» العداء مع إيران الراعي الأكبر لميليشيا «حزب الله» التي اعتبرتها بعض دول الخليج لاسيما المملكة «جماعة إرهابية». ولم تخرج تصريحات أمير قطر عن السياسة التي انتهجتها الدوحة في السنوات الماضية تجاه الجماعة اللبنانية، وإن كانت العلاقة بين الجانبين «تعكرت قليلا» بسبب الأزمة السورية، إلا أن التصريحات والتقارير تؤكد عودة المياه إلى مجاريها وإن كان القسم الأعظم من النهر، يجري وراء الستار. علاقات قديمة ترتبط قطر مع ميليشيات حزب الله اللبناني بعلاقات قديمة، في دليل آخر على السياسة الخارجية المزدوجة للدوحة. ففيما تصنف الدوحة مثلها مثل بقية دول الخليج ميليشيات حزب الله منظمة إرهابية، تعقد معها الصفقات في الخفاء، خصوصا في سورية. وعلاقة قطر بميليشيات «حزب الله» ليست جديدة. وكشفت التصريحات الأخيرة لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ذلك. وتاريخ العلاقة بين الطرفين بدأ عند تمويل قطر إعادة إعمار العديد من القرى المدمرة في جنوبلبنان، بعد الحرب مع إسرائيل عام 2006. بعدها، وفي عام 2010، زار أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني قرية بنت جبيل اللبنانية، وهي أحد معاقل ميليشيات حزب الله التي حشدت أفرادها لاستقباله. ولوحت أعلام صفراء لحمد بن خليفة، معبرة عن احتفال أنصار الحزب بقرار إعادة إعمار القرية المتضررة، والإعلان عن افتتاح مشروعات أخرى بتمويل قطري. وبقيت العلاقات بين الجانبين مفتوحة، فعلى الرغم من التباعد بين الطرفين على خلفية الأزمة في سورية، إلا أن التواصل عبر أطراف خفية لم يتوقف. إفراج عن رهائن وبرزت الدوحة كوسيط في عمليات الإفراج عن الرهائن، خصوصا اللبنانيين منهم، في سورية، وهو ما تطلب اتصالات سرية بين مختلف الأطراف. وقفزت هذه الاتصالات للسطح من خلال اتفاق إجلاء سكان بلدات كفريا والفوعة ومضايا والزبداني في سورية، الذي قادته قطر بين «جبهة النصرة» من جهة و«حزب الله» من جهة أخرى. وتضمن الاتفاق دفع مبالغ طائلة لميليشيات طائفية مقربة من ميليشيا «حزب الله»، وأيضا ل«جبهة النصرة» فرع تنظيم القاعدة في سورية. ووصل مجموع هذه المبالغ إلى مليار دولار. ويرى الخبراء أن اتصالات قطر السرية مع «حزب الله» تشكل دليلا جديدا على ازدواجية سياسات الدوحة، فهي كعضو في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، صنفت ميليشيات «حزب الله» منظمة إرهابية، وفي الوقت نفسه تجري اتصالات وتوقع اتفاقيات مع هذه الميليشيات. أول الغيث قطرة لا يمكن نسيان كلمة رئيس البرلمان اللبناني الحليف الأبرز لجماعة «حزب الله» نبيه بري في عام 2008 أي بعد اتفاق الدوحة الذي توصلت إليه الفصائل اللبنانية لإنهاء 18 شهرا من الأزمة السياسية في لبنان شهدت بعض الفترات منها أحداثا دامية. كان واضحا خلال الدعم القطري لحزب الله وحلفائه (فريق الثامن من آذار) مقابل تيار المستقبل وحلفائه (فريق الرابع عشر من آذار). ولكن حينها لم يكن سبيلا سوى الاتفاق إذ إن الأزمة كانت قد أصابت حياة المواطن اللبناني بالشلل حيث كانت ميليشيات حزب الله قد أغلقت أهم مراكز بيروت الاقتصادية والسياسية. بعد الاتفاق توجه نبيه بري لأمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني قائلا: «أول الغيث قطرة.. فكيف إذا كان قطر». إعلام حزب الله يدافع عن قطر توقف إعلام «الممانعة» في لبنان التابع لحزب الله الإرهابي، بكل وسائله من صحف وفضائيات، على رأسه قناتا «المنار» و«العالم» الإيرانية، إضافة إلى صحف «الأخبار»، و«البناء» و«العهد»، عن مهاجمة قطر، وذلك بعد كشف السعودية والإمارات والبحرين، عن علاقات مشتركة طالما جمعت بين الجانب القطري ونظام الملالي في إيران. كانت إحدى ثمار هذه العلاقات اللقاء السري مع قاسم سليماني، قائد فيلق القدس بالحرس الثوري إلى جانب الصفقة (المليارية) للإفراج عن 26 قطريا، والتي جاءت كجزء من صفقة إقليمية ترتبط بعملية إجلاء سكان 4 بلدات محاصرة في سوريا، وهو ما يسمى باتفاق (المدن الأربع) في سوريا، والذي يتم بموجبه تهجير الآلاف من ريف دمشق إلى ريف إدلب وبالعكس، من سكان مناطق تحاصرها قوات النظام بريف دمشق وأخرى تحاصرها فصائل إسلامية في ريف إدلب، مقابل شرط قطري واحد هو إطلاق سراح عدد من الشيوخ المخطوفين على يد ميليشيات «كتائب حزب الله» العراقية. عناوين وخلافا لما كانت تزعمه هذه الوسائل الإعلامية من مناصبة العداء لقطر، ارتفع صوت إعلام الممانعة إلى جانب منظمات وهيئات تابعة لحزب الله للدفاع عن قطر، كان من بينها «الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة» الممول من قبل إيران، وذلك عقب إعلان المملكة والإمارات والبحرين عن قطع كافة العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع قطر إلى جانب إغلاق المنافذ البرية والبحرية، وذلك «حماية لأمنها من مخاطر الإرهاب والتطرف». أما جريدة «العهد» اللبنانية التابعة لحزب الله فتراكمت في ثناياها التقارير المتعلقة بالمسألة القطرية، وما اعتبرته «مؤامرة خليجية» بحقها، وكان من بين أحد عناوينها «الحرب الناعمة الخليجية ضد قطر»، ومن بين ما جاء فيه على حد زعم الصحيفة أن لائحة الاتهام السعودية بحق قطر تكاد تبدأ من مبادرة السلام العربية التي قدمتها السعودية العام 2002 في قمة بيروت وقوبلت بتنديد قطري عبر قناة «الجزيرة». لتصل إلى محاولة قطر الاضطلاع بدور إقليمي منشق عن الخط العام لدول الخليج، خصوصا في مسألة الخطر الإيراني.