رغم مرور ثلاث سنوات على عزلها وتحديدا في مارس 2014، إلا أن قطر فشلت في الاستفادة من التجارب التي مرت بها، لتقع مرة أخرى في ذات الأخطاء. ولا تزال الدوحة تمارس نفس السياسة رغم الفرصة التي منحت لها بحل المشاكل العالقة مع دول المجلس، والالتزام بقواعد العمل الدبلوماسي المتعارف عليه بين دول العالم، إلا أنها أصرت على نقض غزلها، لتدخل في مرحلة جديدة، فشلت فيها في تصحيح سلوكها العدائي، أو حتى توضيحه أمام الرأي العام العالمي. ما سبق هو مضمون نقاش برنامج «ما وراء الخبر»، والذي بثه تلفزيون البحرين، واستضاف من الرياض المستشار الإعلامي د. محمد الحربي، ووكيل الخارجية البحريني الأسبق السفير حمد العامر، ومن القاهرة بالهاتف المحلل السياسي اليمني بليغ المخلافي، ومن البحرين على الهاتف الباحث الاستراتيجي الدكتور أشرف كشك والكاتبة الصحافية منى المطوع. الهروب الى الأمام من الرياض قال المستشار الاعلامي د. محمد الحربي: «ان قطر لا تزال تمارس سياسية الهروب الى الامام، حيث الاساءة للأشقاء وتزوير الحقائق والارتباك الاعلامي الذي وقعت فيه الدوحة»، مضيفا: «ان دول الخليج لم تتخذ هذا الموقف للعداء والتجييش؛ بل لان هناك قضايا هامة وخطيرة مع قطر ويجب التعامل معها، حيث شقت قطر الصف الخليجي الى حد كبير». واشار الحربي إلى ان التعنت القطري يصاحبه عملية ارتباك سياسي واعلامي، وهناك سقوط في الاعلام القطري، لان اليوم اصبح كل شيء مكشوفا حيث التسريبات والمكالمات والفيديوهات، لكن الاعلام القطري لا يزال يكابر وينفي كل ذلك دون اي دليل. وأوضح د. الحربي أن دول المقاطعة لا يمكن ان تغرق بالتفاصيل التافهة التي يحاول الاعلام القطري الترويج لها، مضيفا: «ان حجم الاموال الكبيرة التي دفعتها قطر حول العالم لدعم الارهاب لن تقبل قطر بالتنازل عنه اليوم بلا مقابل، وكذلك ما تم تقديمه للإخوان المسلمين، وهو ما يؤشر الى ان الازمة لن تحل في القريب العاجل، وستتخلى قطر عن البيت الخليجي مقابل التحالف مع ايران وتركيا والاخوان المسلمين والجماعات الارهابية، حيث لا تزال تعيش عهد اوباما». الدوحة استنفذت فرصها قال وكيل وزارة الخارجية البحريني الأسبق، السفير حمد العامر: ان 2014 كان فرصة ذهبية للدوحة لتعديل سلوكها وعلاقاتها مع دول المجلس، مشيرا الى أن المجلس خلال السنوات الماضية مر بالعديد من المشاكل التي اصابت الاقليم وعلى رأسها الحرب العراقيةالايرانية واحتلال الكويت والحرب على العراق واليمن والربيع العربي وغيرها، وهي مشاكل خطيرة للغاية، ولكن المجلس تجاوزها بالكثير من الحكمة والدبلوماسية. واشار العامر الى ان على الدوحة وقف مسببات الازمة الحالية، وهي معروفة للجميع، وان تلتزم بما تعهدت به عام 2014، حيث وقع الأمير تميم على اتفاق الرياض التكميلي، وكنت ضمن الوفد البحريني في التفاوض، حيث كان هناك الكثير من المكاشفة والوضوح والمصارحة، خصوصا عددا من الاشرطة التي تدل على التآمر ضد البحرين، والتآمر بين ليبيا وقطر على المملكة، والهاجس البحريني الكبير وهو موضوع التجنيس وقناة الجزيرة وضرورة وقف نشاطاتها المعادية، حيث تعرضت البحرين لهجوم شرس من القناة مبني على أسس استراتيجية بعيدة المدى وليس مجرد ازعاج فقط. وعن سبب اعتقاده بأن الازمة الحالية من اخطر الازمات؛ اشار العامر الى ان الازمة الحالية ربما تكون سببا وراء انهيار المجلس، ولكنها في ذات الوقت قد تكون السبب المباشر في قيام الاتحاد الخليجي، والذي هو المطلب الأهم لشعوب مجلس التعاون، وهو الطريق الصحيح وتطور طبيعي لمسيرة المجلس. تحركات دول الخليج أشار الخبير الاستراتيجي د. أشرف كشك، من المنامة، الى ان تحركات دول الخليج كانت تتمير بثلاثة أمور أولها أنها كانت على مستوى رفيع جدا، والتي مثلتها زيارة ملك البحرين الى جدةوالقاهرة وابو ظبي، بجانب جولات امير الكويت، ثانيا ان الخطاب موحد بالنسبة لدول الخليج العربي، وثالثا ان هناك كتابات لدبلوماسيين خليجيين في الولاياتالمتحدة في الغرب لإيضاح الصورة الحقيقية للراي العام العالمي، وقد نجح في اجهاض المحاولات القطرية لتدويل الازمة واخراجها عن مسارها. مضيفا أن المسؤولة الاساسية عن الازمة هي قطر التي تسعى لترويج بعض المفردات، ولكنها لم تنج لأن مراهنتها على مسائل ثابتة مثل التحالفات والقدرات المالية غير موفقة، في الوقت الذي تنسى فيه كل المتغيرات التي تحدث بالعالم، الى جانب ضرورة عدم الثقة بإيران لأن طهران لها اطماع في المنطقة، وقطر جزء من تلك الاطماع. الحل في الرياض من جانبها، أشارت الكاتبة الصحافية منى المطوع إلى ان الدبلوماسية القطرية تتحرك خارج المنطقة، وتحديدا في اوروبا، وهذا الامر يزيد الوضع تعقيداً وصعوبة، لان الحل لن يكون في لندن أو واشنطن؛ إنما في الرياض وداخل البيت الخليج. وانتقدت المطوع تصريحات وزير خارجية قطر، واصفة اياها بأنها لا تبشر بالخير، فهي تحوي كما كبيرا من المماطلة وعدم الاقرار بالأخطاء التي ارتكبها النظام القطري، خصوصا تمويل الارهاب، حيث تم تنظم حملة تضليل اعلامي قطري لتغيير المصطلحات وتبرير الجرائم التي ارتكبتها الدوحة. وفي مداخلته عبر الهاتف من القاهرة، أشار المحلل السياسي اليمني بليغ المخلافي إلى أن ما حدث نتاج طبيعي لممارسات الدبلوماسية القطرية خلال السنوات الماضية، وهي جزء من مشروع كبير في المنطقة، وقد تم استغلال قطر وقدراتها لتكون جزءا من تنفيذ هذا المشروع. واضاف المخلافي أن على قطر أن تعي بأن عزلتها الاقليمية يمكن أن تعوضها بالتحالف مع ايران وتركيا، ولكنهما ليسا بديلين عن المحيط الخليجي وعلى القيادة القطرية ان تعي هذ الامر، وان تساهم في بناء مشروع للمنطقة قائم على حسن الجوار والمصالح المشتركة. واضاف المخلافي إنه وبعد الربيع العربي دعمت قطر الاسلام السياسي في اليمن، متمثلا في الاخوان المسلمين، وكان ذلك من أحد الاسباب التي أثرت على النسيج المجتمعي اليمني، بل وكان من أحد اسباب الانقلاب الحوثي على الشرعية.