يحيي اللبنانيون ايام وليالي شهر رمضان المبارك بتقاليد متوارثة عبر الأجيال وعلى رأسها المسحراتي، الذي يجوب الشوارع في أوقات السحر وهو يقرع على طبلة صغيرة، لإيقاظ الناس وقت السحور، من خلال ضربه على الطبل وإنشاده بعض الأشعار والأناشيد والرديّات، ومنها «يا نائم وحّد الدائم»، «يا ناس قوموا على سحوركم.. جاء رمضان ليزوركم» وشراء الفونيس الملونة للاطفال. وتنتعش طوال ايام رمضان تجارة المأكولات والخضار والفواكه والحلويات والعصائر والتمر والمكسرات ومنها اللوز والجوز والفستق، ولا تخلو مائدة من سلطة «الفتوش» اللبنانية الشهيرة والتي تضم معظم أنواع الخضار مع الخبر المحمص، وهو ما يبدأ به الصائم إفطاره عادة بعد تناوله «الشوربة»، ومن المشروبات الخاصة بشهر رمضان الجلاب والتمر الهندي وعرق السوس والخرنوب وقمر الدين. ويحيي المسلمون في لبنان ليالي شهر رمضان في المساجد والزوايا والتكايا بالصلاة والدعاء وتلاوة القرآن الكريم، ويحرص بعضهم على صلوات النوافل، «التراويح» بعد الإفطار، فيما يحرص آخرون على قراءة دعاء «الافتتاح»، فيما يواصلون إحياء ليالي القدر الثلاث حتى الفجر. ومن التقاليد الرمضانية في العاصمة بيروت، ما يعرف ب«سيبانة رمضان»، وهي عادة قديمة لا تزال مستمرة إلى اليوم، تتمثل في القيام بنزهة على شاطئ مدينة بيروت تخصص لتناول المأكولات والمشروبات والحلويات في اليوم الأخير من شهر شعبان المعظم قبل انقطاع الصائمين عن الطعام في شهر رمضان المبارك. وقال مؤرخون إن تقليد «سيبانه رمضان» كان في الأصل عملية استهلال لهلال شهر رمضان، «مدفع رمضان»، هو تقليد عرفته مصر ولبنان وعدد من الدول العربية، منذ العهد الفاطمي وقد ابتدعه الحكام وقتها لتنبيه الناس إلى حلول أوقات الإمساك والإفطار في شهر رمضان، من خلال إطلاق طلقة مدفعية عند الغروب طيلة أيام شهر رمضان، وهي مهمة يتولاها الجيش اللبناني داخل المدن الرئيسية ولا سيما في بيروت وطرابلس، ويقضي هذا التقليد باطلاق ثلاث قذائف عند ثبوت شهر رمضان، ومثلها عند ثبوت شهر شوال لإشعار الناس بحلول عيد الفطر السعيد، وإطلاق قذيفة واحدة من النوع نفسه قبيل حلول الفجر، وقذيفه واحدة عند الغروب.