الحمد لله أهل الحمد والثناء، جعل من الأمة رجالا اهتدوا بهدي خير الأنبياء؛ فهم بالحق أقوياء، وعلى إخوانهم المؤمنين رحماء، وأصلي وأسلم على محمد بن عبدالله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه الكرماء، ثم أمَّا بعد: فإنَّ الشخصيَّات تُوزن بكريم سجاياها وحسن فعالها، ونبل مواقفها، وعظيم أعمالها؛ لذلك لا غرو أن تعلن اللجنة المنظمة لجائزة دبي الدولية للقرآن الكريم عن اختيار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- شخصيَّة العام الإسلاميَّة للدورة الحادية والعشرين للجائزة لعام 1438، وإنها لشهادة حق من مسابقة دولية اكتسبت جائزتها شرفًا بانتسابها للقرآن الكريم. وشخصيَّة العام الإسلاميَّة هي إحدى فروع جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم، وتُمنح لمن قام بجهدٍ بارز في خدمة الإسلام والمسلمين، ومن له آثار علميَّة تتسم بالأصالة والتميُّز، أو من له خدمة للإسلام والدفاع عن قضاياه. ومناقب الملك سلمان -حفظه الله- تعجز عن حصرها الكلمات، وتضيق عن وصفها العبارات، ولعل أعظم هذه المناقب الشرف الذي اختص الله به ولاة أمر هذه البلاد المباركة وهو شرف الدعوة إلى توحيد الله تعالى وسنَّة نبيه صلى الله عليه وسلم على منهج السَّلف الصالح، وما قدموه للعالم الإسلامي من التَّأكيد الشديد على تعليم التَّوحيد والتَّحذير من الشِّرك والبدع والخرافات، فكان لهم -بعد الله تعالى وتوفيقه- هذا الفضل العظيم الذي يُغبطون عليه، كتب الله أجورهم وجزاهم الله عنَّا وعن المسلمين خير الجزاء. ومن مناقبه -حفظه الله ورعاه- تلك المرتبة العظيمة التي منحها الله له ولإخوانه وآبائه وأجداده من آل سعود وهي خدمة الحرمين الشريفين أدام الله عليهم نعمته وفضله ورحمته؛ فكان سلمان الحزم رعاه الله خير خلف لخير سلف، لم يألُ جهدًا في تيسير الخدمات لزوار بيت الله الحرام من الحجاج والمعتمرين؛ فقد أصدر -حفظه الله- توجيهاته ببذل الغالي والنفيس؛ لتوفير كل الخدمات لقاصدي الحرمين الشريفين، والحرص على تنسيق الجهود بما يحقِّق المزيد من الراحة والاطمئنان لهم في المدينتين المقدستين مكةالمكرمة، والمدينة المنورة، ومضاعفة الجهود لمواجهة كثافة المعتمرين وزوار البيت الحرام خلال شهر رمضان المبارك، وما رؤية المملكة في زيادة عدد الحجاج والمعتمرين تيسيرًا للمسلمين إلا إحدى مناقبه وفقه الله وكتب أجره. وتعكس هذه المنقبة نعمة الأمن التي ينعم بها كل من يسير على أرض المملكة الغالية الفريدة من مواطنين أو مقيمين أو زائرين البلد الأمين للحج والعمرة، فلله الحمد والمنة والشكر والثناء. ومن مناقبه -حفظه الله- رعايته لكل ما يخدم القرآن الكريم في داخل المملكة المباركة وخارجها، تشهد بذلك حلقات التحفيظ ومراكز التوعية والإرشاد المنتشرة في ربوع بلادنا المباركة، وكذلك العناية بإقامة المسابقات وإنشاء المراكز المحلية والدولية، وتشجيع البحوث العلمية والمؤتمرات العالمية التي تعمل على خدمة القرآن الكريم، والسنة النبوية وعلومهما وأهلهما. ومنها المنقبة التي شهد لها الشرق والغرب، ورآها العالم أجمع العرب والعجم؛ قيادته -حفظه الله- للعالم في قمم الرياض الأخيرة التي سعى فيها لتوحيد الجهود لمواجهة الخطر الداهم للتطرف والإرهاب، الذي بات يؤرق حكومات العالم وشعوبها، ولا يفرق بين دول إسلامية أو غير إسلامية، ولا مجتمعات متأخرة أو متقدمة. ومنها عمله الدائم وسعيه الدؤوب إلى تفريج الكربات عن المسلمين بل وغير المسلمين بإغاثته للمنكوبين، ودعمه السخي لجميع الأعمال الإنسانيَّة التي ترفع الأضرار التي تحل بالشعوب المتضرِّرة، وخير شاهد على هذا السعي الكريم منه -وفقه الله- في إنشاء مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانيَّة. إلى غير ذلك من المكارم والخِلال، التي تنبئ عن شريف الخصال، وتحقق بفضل الله ما يتطلع إليه أبناء المسلمين على ظهر المعمورة من عظيم الطموحات والآمال. وشكر الله هذا الاختيار الموفق للجنة المنظمة لجائزة دبي الدولية للقرآن الكريم، والشكر موصول لدولة الإمارات العربيَّة المتِّحدة الشقيقة حكومةً وشعبًا. واللهَ أسأل أن يديم على خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- مزيدًا من التَّوفيق في نصرة التَّوحيد والسُّنَّة ومنهج سلف الأمَّة، ومزيدًا من أعمال البر ومد يد العون للمحتاجين، وأن يجعله نصرًا وعزًا للإسلام والمسلمين، وأن يبقى مثالاً للريادة والقيادة بعزمٍ وحزمٍ وتمكين.