أثبتت دراسة أن أسلوب تعامل الطبيب مع مريضه لا يقل أهمية عن الدواء الذي يصفه للمريض، وكما تشير الدراسة التي نشرتها الجمعية الطبية الأمريكية أن 80% من الشكاوى ضد الأطباء لها صلة بموضوع التواصل. وتبين الدراسة أن المشاعر العاطفية وإحساس المريض بأن الطبيب يوليه رعاية خاصة تعمل على تحسين الاتصال معه وتساعده أيضا في عملية الشفاء. أقول ذلك من واقع يعكس شيئا من الاختلال في آليات التعامل مع المرضى لدرجة أن المريض لا يثق في العلاج الذي يصفه له ذاك الطبيب لعدم الاهتمام به اثناء التشخيص، ومن المواقف التي حصلت لي شخصياً أثناء زيارتي لأحد أقسام الطوارئ وصف لي الطبيب علاجا مكتفياً بالنظر فقط وعندما سألته عن حالتي قال فيروس منتشر. نحتاج إلى أطباء ملمين بعلم الطب الاجتماعي بمختلف جوانبه وتطوراته، وكما لا يمكن أن تتحقق الرعاية الصحية أو جودة الخدمات أو مساعدة الطبيب المتمرس في اختصاصه لتقديم أفضل الخدمات للمرضى بل إن سمعة الخدمات الصحية تكون سيئة حتى لو توافرت الإمكانات المادية والبشرية للقطاع الطبي في أي مجتمع فالنجاح في العمل يتطلب تكامل الأدوار ومهارة الاتصال، والقدرة على التعامل مع مختلف الشخصيات، ولقد وجد أن جودة الخدمات الطبية لا تتوقف فقط على ما يتوافر من الرعاية والمتابعة وإنما أيضاً على قوة التواصل والعلاقة بين الطبيب والمريض وإظهار حالة التعاطف معه فهي نقطة مهمة جداً للمريض حيث تعطي لديه الإحساس بأن الطبيب المعالج يحس بمعاناته وعلى استعداد لمساعدته وهذا شعور مهم جداً للمريض من الناحية النفسية. أما كيفية إظهار هذا التعاطف فهو يأتي بأشكال مختلفة فمثلاً المريض الذي يئن من الالم بسبب معاناة المرض أو الخوف من مشكلته الصحية قد يحتاج فقط من الطبيب الشعور بالاهتمام وبرقي مستوى التعامل الإنساني، وكما أن الطبيب لا يستعجل في إعطاء النتائج للمريض إلا بعد التأكد تماماً من صحة التحاليل، وحيث أيضا إن التشخيص السليم له أهمية بالغة ليس في علاجه فقط، وإنما في إحداث تغيرات نفسية واجتماعية كبيرة. نتمنى من القطاع الصحي أن يقدم لمنسوبيه برامج تدريبية تركز على فن التعامل مع المرضى، فارتياح المريض من حسن المعاملة يساعده في التغلب على مرضه، فإذا كان العلم الواسع بأمور الطب والخبرة الكبيرة ومهارة اليدين تأتي في مقدمة صفات الطبيب الجيد فإن صفات التواصل الفعال والجيد جزء لا يتجزأ من شخصية الطبيب الناجح.