تناولت في المقال السابق المبادئ الأمريكية لكل من الرؤساء (مونرو، ويلسون، ترومان، أيزنهاور)، وفي هذا المقال سأكمل ما بدأت بتناول مبادئ كل من (نيكسون، كارتر، ريجان، بوش الابن، أوباما). (مبدأ نيكسون)، الذي تبناه الرئيس الأمريكي السابع والثلاثون ريتشارد نيكسون صاحب (فضيحة وواتر جيت)، جاء بعد إنهاء التورط الأمريكي في فيتنام ومع بداية تفعيل الدبلوماسية الشعبية مع الصين، التي كانت وسيلة لتحقيق التقارب بفضل دبلوماسية (البينج بونج) كرة الطاولة، ومن خلالها عادت العلاقات الطبيعية بين واشنطن وبكين، وهذا المبدأ يقوم على تشجيع بلدان العالم الثالث على تحمل مسؤولياتها في الدفاع عن نفسها بقواتها البشرية الذاتية، على أن تقوم الولاياتالمتحدة بتقديم المشورة والخبرة لها مع حصر التدخل الأمريكي في التهديدات النووية فقط. أما (مبدأ كارتر)، الذي اعلنه الرئيس الأمريكي التاسع والثلاثون جيمي كارتر، فكان يؤكد مقاومة أي خطر يهدد أمن الخليج العربي، أو لنقل مقاومة أي خطر يهدد النفط وخطوط نقله وأن أي محاولة لذلك تعد اعتداءً على المصالح الحيوية للولايات المتحدة، وفي نهاية عهد كارتر أكد هذا المبدأ التصدي للتهديدات الإيرانية، التي زادت بعد عام 1979م إثر قيام الثورة الخمينية في إيران، كما انه حمل جذور فكرة إنشاء قوات التدخل السريع، وربما هو المبدأ الذي ينوي الرئيس (ترامب) تطبيقه اليوم! اما (مبدأ ريجان)، الذي جاء به الرئيس الأربعون رونالد ريجان، فيرى أن تصعيد القوة العسكرية هو الأساس، الذي يجب أن تقوم عليه السياسة الخارجية الأمريكية، وهو يتلخص بسياسة (العصا الغليظة)، التي ترتكز على الجانب العسكري، وترجم هذا المبدأ عملياً في (حرب النجوم)، التي ارهقت الاتحاد السوفيتي مادياً، وكذلك ترجم في التدخل ضد معمر القذافي عام 1986، حينما قصفت الطائرات الأمريكية مقراته دون الاستئناس بقرار من الأممالمتحدة. أما (مبدأ بوش) فهو المبدأ الذي جاء به الرئيس الامريكي الثالث والأربعون جورج بوش الابن في أعقاب هجمات ال 11 من سبتمبر 2001، وهو ينص على (إما ان تكونوا معنا... او ان تكونوا مع الارهابيين)، وهذا المبدأ قسّم العالم الى عالمين (عالم الشر وعالم الخير) كما أراد صاحبه، أما (مبدأ أوباما) فقد اعلن عنه الرئيس الرابع والأربعون باراك حسين أوباما في اليوم الأول من تسلمه للرئاسة، وهو كما قال: (إن أيام التدخل الأمريكي انتهت) وبدا ذلك جلياً في تراجعه عن خطه الأحمر في سوريا. والمراقب لمجريات الاحداث العالمية يرى أن الرئيس اوباما واجه تحديات مماثلة لتلك، التي واجهها الرئيس نيكسون، فقد استلم الادارة الامريكية وبلاده متورطة في افغانستان والعراق وغيرهما، وحين نعيد التأمل نجد أن (مبدأ أوباما) وثيق التشابه والصلة بمبدأي (مونرو ونيكسون)، فالأول يتشارك مع مبدأ أوباما في تبني الانعزالية، والثاني يتشارك معه في نوع التورط في التركة التي تركها له سلفه، مع دعوته إلى تحمل الحلفاء مسؤولياتهم في الدفاع عن أنفسهم، كما أن (مبدأ أوباما) يتناقض مع مبدأي (ايزنهاور وكارتر)، لكونه يتخلى عن الحلفاء ويتركهم ليواجهوا مصيرهم دون غطاء.