أبدأ مقالي بالمباركة للقراء الكرام، على بلوغ شهر رمضان الكريم، والذي نسأل الله أن يبارك لنا فيه ويتقبل منا جميعا ومن المسلمين صالح العمل. وأواصل الحديث عن القيادة الحقيقة في المؤسسات، التي بدأتها الأسبوع الماضي. حيث يعتقد البعض أن القيادة هي رزمة أوامر لا بد أن تطاع في نفس اللحظة بلا جدال أو نقاش، وكأنها رأي فرعوني (ما أريكم إلا ما أرى) وما القيادة الناجحة إلا القدرة على إشعال رغبة داخلية في صدر كل عضو فريق بأن يعطي ويقدم الأفضل بدون مراقبة حتى. وجود النماذج القيادية ونماذج الفرق التي تستوعب القيادة كقيمة نوعية حقيقة قليل، وأعتقد أن السبب هو عدم وجود ثقة كبيرة بين الأفراد والقيادة، ولا بين الأفراد أنفسهم، وعدم وجود الثقة الحقيقة في الذات أصلا، فكل جهة تعتقد أن الطرف الآخر يفكر في مصلحته الخاصة فقط، وكل غارق في تفاصيل مصلحته القصيرة المدى قليلة الأثر. والبعض يعتبر أن التفكير بأسلوب قيادي لا إداري هو عبط أو عدم مقدرة على السيطرة، وقد واجهت شخصيا نماذج من أناس حاولوا التحايل علي ظنا من أن ثقتي وطيبتي وسماحتي في الإدارة، لكن حين يجد الجد تجدهم يعون أن القيادة بفكر إنساني طموح وشغوف لا تعني التهاون والسذاجة وعدم الدراية! فكما قال الشاعر: ليس الغبي بسيد في قومه ** لكن سيد قومه المتغابي أطمح، والله، وأحلم أن تزداد المؤسسات التي تنشر الفكر القيادي لا السلطوي الإداري، وأن يغرس في الجيل القادم التفكير بأسلوب جماعي لا فردي أناني، وأن تعزز المبادرات ويسلط الضوء أكثر على عمل الفرق الناجحة، فبالقيادات الشابة ذات الرؤية النافذة والفرق المتشربة بحلم التغيير للأفضل، سنرى أداء ملهما ووطنا يسمو بأفراده الجادين نحو المعالي.