استضافت جمعية الثقافة والفنون في الدمام الخميس الماضي المعرض الشخصي الأول للفنان فهد الكردشي. وقد حوى المعرض أربعين لوحة من الحجم المتوسط. وكما هو الحال في العرض الأول لأي فنان، دفع الكردشي بمجمل تجربته حيث نرى لوحات من إنتاجه الأول كما نجد لوحات من آخر ما انتج. والانطباع الأول الذي يخرج فيه المتلقي لأعمال المعرض هو اهتمام الفنان بالتراث وإعادة انتاجه في لوحة معاصرة تستفيد من مجمل التجارب التي حاولت المزاوجة بين المحلي والتقنيات والمدارس الغربية في فن التصوير التشكيلي. ومن الناحية الأخرى يخرج المتلقي بأن فهد الكردشي ملون قوي وجريء! يتناول الفنان موتيفات منتشرة في بيئته المحلية مثل القبعات التي ترتديها الفلاحات والتي تشبه القبعات المكسيكية لتقيهن من هجير الشمس وقت الحصاد، والقنديل القديم والسلال وجفنات التمر والزخارف البسيطة المستوحاة من البسط المحلية والتي تعتمد الخط المنكسر أو المربعات البسيطة كوحدات زخرفية في معظمها كما يصور رموزاً معروفة في بعض اللوحات كالكعبة المشرفة في مكة وقبة الصخرة في القدس. كما يصور البيوت المتراصة والتي يفصل بينها بخط أبيض، يقوم الفنان بتبسيط هذه الموتيفات إلى مساحات متجاورة تنجح في معظمها بإعطاء ايقاع بصري ممتع. ومن اللافت للنظر حقاً استخدام الكردشي للألوان الرئيسية القوية كالأزرق والأحمر كلونين متضادين بقيم لونية قوية فهو بلا شك ملون جريء يجيد وزن الألوان القوية وخلق انسجام أو تضاد بينها. وربما يؤخذ علىه في بعض اللوحات أنه ترك مساحات بيضاء في الخلفية واستخدام اللون الأسود والتهشير بألوان طولية غير متماسكة كخلفية متأثراً بموضة «الحداثة» الأوروبية التي لا تزال موضع نقاش لديهم بالنسبة لقيمتها الفنية. ان اللوحات التي فيها قيم تصويرية جمالية حقيقية هي تلك التي انتجها الفنان في بداية مسيرته الفنية. وكان يمكن للفنان العمل على تنويع الكرومات اللونية بدرجات مختلفة تأكيداً للعناصر المتراجعة والتي تكون عادة فاتحة تقترب من الرماديات دون أن تصل إليها، والعناصر المتقدمة والتي تكون عادة أغمق من المتراجعة، ليخلق تنوعا يكسر رتابة اللون بالقيم الغامقة فقط في بعض اللوحات. وفي كل الأحوال، يقدم معرض «تراث» فناناً ملوناً قويا يتقدم في الساحة التشكيلية السعودية بقوة. وسوف تضيف تجربته القادمة رؤية أخرى لمسألة التراث في المحترف التشكيلي السعودي.