في أواخر شهر ابريل الماضي اجتمعت القيادات الامنية والسياسية والعسكرية في دول مجلس التعاون بمدينة الرياض، اللقاء كان غير مسبوق على هذا المستوى وبهذا الزخم، حيث جمع القيادات الامنية والسياسية والعسكرية في اطار واحد لبحث قضايا غاية في الاهمية تواجهها منطقتنا العربية عموماً، ومنطقة الخليج بشكل خاص. بالعودة إلى مسيرة العمل التنظيمي المشترك نجد ان هذا الاجتماع مخطط له بشكل مسبق من قبل أمانة المجلس منذ العام 2016. وكان التوجيه بان يكون هذا الاجتماع دوريا بين المسؤولين في هذه القطاعات الثلاثة، لتدارس شؤون الدفاع، والامن، والسياسة والتحديات التي تواجه الخليج ودوله على النطاق الاقليمي. ومع ذلك اي مع وجود تخطيط قبلي للأمر فان هناك محطات داخلية واقليمية ودولية يجدر التوقف عندها لقراءة هذه القفزة في العمل الخليجي المشترك، ومحاولة التعرف على دلالات مكان الانعقاد ومضامين القضايا التي كانت محوراً لنقاش المجتمعين. اجتماع قيادات الامن الداخلي، والعملان السياسي والعسكري في الدول الخليجية احتضنته الرياض التي تقوم بعمل طليعي تتصدى به لخروقات آتية من جهات اقليمية ومن مصادر الارهاب. وتحديدا من جماعات الارهاب الدولي، ومن ايران التي تشن مجموعة من الحروب على المنطقة العربية، اذن الرسالة واضحة اهل الخليج وان لم تُتِح لهم الظروف للتوحد الكامل؛ فهاهم ينسقون في مسارات عالية الاهمية لمواجهة خطر التدخل الخارجي والارهاب. ومن حيث التوقيت لعقد هذا الاجتماع، فيعتقد انه استثمار خليجي واعٍ لمجموعة من المعطيات التي منها، اولا: استثمار حالة التوافق العربية العامة التي تحققت في قمة البحر الميت في اواخر شهر مارس2017 والتي افرزت الاجماع العام على خمسة محاور رئيسة خصص اثنان منها للقضية الفلسطينية، واثنان لمناقشة الحالة الراهنة في اليمن وسوريا والعراق وليبيا، وكان المحور الاخير مخصصا لادانة التدخلات الايرانية في الشؤون العربية. ثانيا: يأتي هذا الاجتماع في مناخ دولي مواتٍ لوضع الخصم في الخانة الاضيق، حيث تعود السياسة الامريكية في تبلورها الى الاقتراب من قضايا المنطقة، بوعي مفاده ان الجانب الايراني هو الطرف الذي يهدد الامن والسلم الدوليين في المنطقة، ويصعد من ممارساته السلبية في تهديد الملاحة البحرية والتدخل في شؤون الدول الاخرى علاوة على السعي الواضح لزعزعة استقرار المجتمعات الداخلية بنشر التطرف، والطائفية. هذا الرأي يتنامى أوروبيا أيضاً. وفي التقدير ان الاستفادة من هذه الموجة الدولية نجاح اولي، ومدعوم بالحقائق، من قبل الدول الخليجبة التي تحدث فيها المسئولون في اللقاءات المعلنة لهذا الاجتماع بمضامين واضحة تذهب مباشرة الى تلمس الاخطار التي تحيط بقضايا غاية في الخطورة مثل «الوحدة الوطنية» و«التهديدات الارهابية» و«التدخلات الاقليمية». دول المجلس لم يعد بمقدورها التخفيف من خطورة التهديدات الايرانية والارهابية التي تستهدف بنية دولهم ومجتمعاتهم، فمن المصدرين ايران والجماعات الارهابية تأتي الانشطة الاجرامية. كلما زادت الاخطار على المنطقة، بادر اهل الخليج الى العمل المشترك سعيا للتكامل في سبيل البقاء.