التحديات جسيمة.. والصراعات تعصف بالعالم العربي، الأمر الذي يتطلب الدعوة إلى زيادة التماسك الخليجي لدرء الأخطار والتصدي للمتغيرات والاضطرابات الإقليمية، لذلك قوبلت رؤية خادم الحرمين الشريفين الشاملة بشأن تعزيز العمل الخليجي المشترك بإجماع قادة المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون الخليجي، نظرا لما تحمله من مضامين سامية لتعزيز المسيرة المباركة لمجلس التعاون ومكانته الدولية والإقليمية واعتماد المجلس لهذه الرؤية مكلفا المجلس الوزاري واللجان الوزارية المختصة والأمانة العامة بتنفيذ ما ورد بها، على أن يتم استكمال التنفيذ خلال عام 2016.. فدول الخليج تدرك اليوم أنها مدفوعة إلى التكامل في ظل التهديدات الجذرية التي تحيط بها متمثلة في الإرهاب والتدخلات الإيرانية في شؤون المنطقة. وأكد خادم الحرمين الشريفين، عبر حسابه الرسمي على موقع «تويتر»، سير مجلس التعاون بقوة إلى الأمام متجاوزا كل الظروف، مشيرا إلى عمل أعضائه وفق خطط عمل شاملة لتحقيق طموحات شعوب الخليج العربي وحماية وحدته. وأفاد الأمين العام للمجلس، الدكتور عبداللطيف الزياني، بتحديد رؤية الملك سلمان بن عبدالعزيز، التي أقرتها القمة، أولويات للعمل المشترك خلال عام 2016 بما يعزز التكامل. ولفت إلى استهداف هذه الرؤية تسريع وتيرة التعاون وخطوات الترابط الأمني والعسكري المؤدية إلى استكمال منظومتي الأمن والدفاع بما يشكل سدا منيعا أمام التحديات التي تواجه الخليج العربي والمنطقة. وتتضمن الرؤية الملكية الشاملة، وفقا لما ورد في «إعلان الرياض»، إجراء يسرع وتيرة الإنجاز ويتمثل في إمكانية الاتفاق بين عدد من الدول الست على أي إجراءات تكاملية تراها في إطار المجلس، على أن تتبعها بقية الدول متى ما كان الوقت مناسبا لها. وحملت قمة الرياض، التي اختتمت يوم أمس الأول في الرياض، بعدا إستراتيجيا شاملا خرج عن الإطار المألوف للقمم الخليجية، حيث تضمن بيانها الختامي تعاونا عسكريا موسعا بين دول المجلس، عطفا على تفعيل الاتفاقية الأمنية الخليجية وإقرارها في الدورة الحادية والثلاثين، في الرياض، في نوفمبر 2012، والتي طالبت بتحصين البيت الخليجي واليقظة من خطر الإرهاب. حيث عبر القادة عن ارتياحهم للإنجازات والخطوات التي تحققت لإنشاء القيادة العسكرية الموحدة ووجهوا بأهمية الانتهاء من كافة الإجراءات المطلوبة لتفعيلها وتكثيف الجهود وتسريعها لتحقيق التكامل الدفاعي المنشود بين دول المجلس في مختلف المجالات وما يتطلبه ذلك من إجراءات ودراسات مختلفة، إيمانا منهم بأن المرحلة تتطلب تفعيل الشق العسكري وإعطاءه أولوية أكبر بزيادة التعاون في المجالات الدفاعية وتوحيد الجهود أمام المخاطر الخارجية.. عقب تردد القوى الدولية في حسم العديد من القضايا الشائكة المرتبطة بمصالحها الإقليمية.. ومن هذا المنطلق تطالب الرياض بمضاعفة الجهود الخليجية نحو التكامل في جميع المجالات لضمان أمن الخليج وشعوبه ودفع محاولات الهيمنة الإيرانية. وفي الجانب السياسي جاءت استضافة المملكة لاجتماع الفصائل السورية المعارضة للنظام متزامنة مع اجتماع قمة الرياض الخليجية. في مؤشر يعطي دلالات واضحة للحراك الدبلوماسي السعودي الذي يستهدف دعم الحل السياسي لضمان وحدة الأراضي السورية، ووفقا لمقررات (جنيف1). ومن منطلق توحيد الجهود في وجه الأخطار، وبخاصة المؤامرات التي تتزعمها إيران، شددت الرياض على أهمية تكوين جبهة خليجية موحدة تتصدى للتدخلات الإقليمية والدولية في شؤون المنطقة. حيث ضمن المجلس الخليجي بيانه التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول المجلس والمنطقة، مطالبا طهران بالالتزام التام بالأسس والمبادئ والمرتكزات الأساسية المبنية على مبدأ حسن الجوار، واحترام سيادة الدول، معربا عن رفضه لتصريحات بعض المسؤولين من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ضد دول المجلس والتدخل في شؤونها الداخلية، ومحاولة بث الفرقة وإثارة الفتنة الطائفية بين مواطنيها في انتهاك لسيادتها واستقلالها. وفي ملف الأزمة اليمنية جدد القادة التزامهم الكامل بوحدة اليمن واحترام سيادته واستقلاله رافضين التدخل في شؤونه الداخلية. وشدد القادة الخليجيون في بيانهم على مساندة كل الجهود المبذولة دوليا وإقليميا، لمحاربة التنظيمات الإرهابية واجتثاث فكرها الضال باستمرار الدول الأعضاء في المشاركة في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم «داعش» الإرهابي. كما أعرب القادة عن أملهم في أن يؤدي قرار الحكومة العراقية ومجلس النواب باتخاذ خطوات عملية لمعالجة الفساد، وتردي الأوضاع الخدماتية، إلى تصحيح مسار العملية السياسية، بما يحقق مشاركة فاعلة لجميع أطياف الشعب العراقي. وفي ملف الأزمة الليبية طالب القادة جميع أطراف الأزمة بتغليب المصلحة العليا لإعادة الأمن والاستقرار في ليبيا. وأكد المجلس الأعلى دعمه الكامل للحكومة الشرعية. وبشأن الأوضاع في الأراضي الفلسطينية وتطورات النزاع العربي الإسرائيلي جدد الخليجيون مواقفهم الثابتة والراسخة حيال القضية الفلسطينية، مؤكدين أن السلام الشامل والعادل والدائم لا يتحقق إلا بانسحاب إسرائيل الكامل من كافة الأراضي العربية المحتلة عام 1967، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية، طبقا لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. ودان المجلس استمرار احتلال إسرائيل للأراضي العربية، والإجراءات الإسرائيلية لتغيير هوية ومعالم القدس الشريف، واستمرار الاستيطان والاعتقال التعسفي والعقاب الجماعي للشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة.