ربما يعتقد البعض أن عمل الجمعيات الخيرية ليس إلا جمعا للتبرعات وإعداد المشمولين برعايتها بها بالطرق العادية وحسب، بينما هذه الصورة تُخالف الواقع تماما، خاصة مع اتساع رقعة أعمال العمل الخيري بالمملكة، وحرص العاملين بها على أن يتم هذا العمل بشكل مهني وممنهج كي يحقق الأهداف المرجوة منه. مؤخرا اطلعت على الخطة الاستراتيجية لجمعية البر بالمنطقة الشرقية، والتي باركها سمو أمير المنطقة الشرقية صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز– يحفظه الله– بداية هذا العام، تليها الخطة التشغيلية، ومن خلالهما وقفت على جهد علمي مبذول بعناية، لخدمة العمل الخيري، والتوافق مع رؤية المملكة 2030 بطريقة عملية، ويُحسب للجمعية بقيادة الأمين العام سمير بن عبدالعزيز العفيصان أنها استعانت في ذلك بجهة استشارية لها سمعة طيبة، وأرادت معرفة نقاط ضعفها قبل قوتها حتى تعمل على ردم الفجوة بينهما، وتقوية نقاط القوة من خلال التطور المستمر لأعمالها المختلفة. ويتضح من تفاصيل الخطة أن الجمعية اهتمت اهتماما بينا بتحليل بيئتها الداخلية والخارجية، واستِفاضة أبرز المعطيات والعوامل العامة (النظامية، السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والتقنية) في السياق البيئي العام لها، لمعرفة العوامل المؤثرة في كل قضية وتحليلها للخروج بجملة قمم من المبادرات التي تشكل الحجر الأساس في تطوير البرامج المناسبة لها، وهو جهد تتضح فيه العناية الكبرى بالتفاصيل الدقيقة، لتحقيق جودة العمل ككل. إلى ذلك خلصت الدراسة إلى تمتع الجمعية بصورة ذهنية إيجابية لدى شريحة كبيرة من الداعمين والمستفيدين والرأي العام، نتجت عن الإيمان بالدور المحوري الذي تؤديه الجمعية، وهو ما يرسم وجها مثمرا لمستقبلها بإذن الله، خاصة مع تأييد المتبرعين للدور المتوقع لها في تأهيل وتشجيع المحتاجين والمستفيدين، ليكونوا مستقلين معتمدين على أنفسهم، بالغين حد الاكتفاء الذاتي. ويتسق ذلك مع ما أظهره البحث من تميز وتنوع مشاريع الجمعية وخدماتها وكميتها، وما تمتاز به من فاعلية في التواصل الخارجي، وتميز أنظمتها الإلكترونية، وكفاءة وفاعلية الإدارة العليا بها، وكلها نقاط اعتبرتها الدراسة البحثية من مكامن قوة الجمعية التي تؤهلها للقيام بدور فاعل في تنشيط وخدمة العمل الخيري بالمملكة عموما والمنطقة الشرقية على وجه الخصوص، وهو ما يتمناه أي محب للخير في وطننا الغالي. همسة.. في عصر يموج بالفتن والاضطرابات، تصبح الشفافية المطلقة الخيار الأول والوحيد للعمل بأريحية كاملة، وتحقيق الرسالة والرؤية بأمان تام، وجودة عالية.