أحدثت رواية الخبز الحافي للروائي المغربي محمد شكري 1935-2003 لغطا واختلافا وآراء متباينة بداية صدورها، بل إنها منعت في البداية، وأتذكر شيئا من ذلك اللغط والخلاف عندما كنت في إحدى دورات موسم أصيلة الثقافي أوائل الثمانينيات، وكان حديثا عاما حول الرواية التي قرأتها لاحقا، عاش شكري في مدينة طنجة، القريبة من أصيلة، مدينة الفن والفنانين والموسم الثقافي السنوي، كانت لشكري طقوسه الخاصة، أما من يبحث عنه فسيجده في أحد مقاهي طنجة، يمكنه لقاءه في مقهى تستمر علاقته به لفترة، بعض المقاهي تخصص له طاولة وقد تضع صورته على الحائط الأقرب لكرسيه وطاولته، في طنجة التقيت شكري مرات كانت حقيبته الممتلئة بالأوراق والأدوية تلازمه أينما حل، كان قليل الكلام يتحدث أحيانا بشيء من العصبية والتوتر، حضرت له مع الصديق الكاتب فالح الصغير توقيعه إحدى رواياته وأظنها زمن الأخطاء، في إحدى قاعات الفنون التشكيلية بمدينته طنجة. كما التقيناه وحاورناه عدة مرات، كان بسيطا وممتلئا وغالبا متوترا، موسم أصيلة استضافه في دورات تالية للمشاركة في بعض الفعاليات، صدرت لمحمد شكري روايات بعد الخبز الحافي التي أطلقته سريعا، بينها الشطار والسوق الداخلي وغواية الشحرور الأبيض، ربما كانت له أعمال اسبق لكن لم تكن بنفس الجرأة التي طرح بها الخبز الحافي والتي ترجمت فيما بعد إلى عدد من اللغات، وتم تحويلها إلى فيلم سينمائي، الرواية صدرت بالعربية أوائل الثمانينيات وقبل ذلك بعشرة أعوام تقريبا بالإنجليزية، اعتبرها بعض النقاد «اعترافات طفولة مشاغبة، معذبة مثيرة للجدل والمتعة» ويصفها الناقد محمد برادة ب «نص يمتح من المعيش ويكتسي شكل رواية السيرة ويمزج الواقع بالتخييل».