ما من شكٍ بأنَّ كرة القدم أصبحت عاملًا رئيسًا في ثقافة المجتمع، ومثلما باتت صناعة تدرُّ المال فكذلك أضحت ذات تأثيرٍ واضحٍ على تكوين السلوكيات والعلاقات الاجتماعية المرتبطة بالميول لناد معيَّن، وقد يتحوَّل ذلك الميول إلى تعصُّبٍ مرفوضٍ يفضي إلى ممارسات خاطئةٍ تثير حفيظة أطرافٍ آخرين فتقع ردود فعل غير محسوبة العواقب فِي لحظة انفلات أعصاب. ومن مظاهر التعصُّب حينما يتبرع أحد الأشخاص بسيارةٍ فارهةٍ تصل قيمتها إلى ما يفوق نصف المليون ريال ويقدمها للاعبٍ فقط لأنه أحرز هدفًا في مرمى ناد سعوديّ منافسٍ. وذلك لعمري من التبذير والسفهِ الذي نهى الله عنه، قال تعالى: (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا...الآية) 5 النساء. أيضًا من ممارسات التعصُّب الممقوت ما يحدث من بعض رؤساء الأندية من ألفاظٍ تتجاوز حدود الذوق العام عندما يصرِّحون ببغضهم لأنديةٍ منافسةٍ، فضلا عمَّا يصدر من بعض القائمين على كرة القدم ولجانها من تصريحاتٍ تنبئ عن ميولهم لأنديتهم في الوقت الذي يفترض فيهم الحياد والوقوف على مسافةٍ واحدةٍ ولا ينعكس على أدائهم. ومن عوامل إذكاء مظاهر التعصُّب ممارسة بعض الإعلاميين الذين أصبحوا بلا تحفظٍ يجاهرون بولائهم ولا يتوانون عن الإسقاط المكشوف على الأندية الأخرى، منتهزين فتح الفضاء لهم عبر قنوات همُّها الأول منافسة مثيلاتها لجذب أكبر عدد من المشاهدين. وحفاظًا على وحدة الصف جاء توجُّهُ الدولة - أيدها الله - بعدما استشرفت أن ظاهرة التعصُّب قد استفحلت وباتت خطرًا يهدد النسيج الاجتماعي والوطني فوجهت بوضع تنظيم لمحاصرة هذا الخُلُق البغيض لاجتثاثه، وليعي من يبذر المال بحثًا عن الشهرة - ليس إلاَّ - أن تأجيج التعصب أمرٌ مستهجنٌ.