من يعايش مجتمعَه القريب منه، بل ومجتمعَه الأوسع حيثُ شكَّلتْ جهاتُ التَّواصل الاجتماعيِّ والقنواتُ الفضائيَّة والوسائلُ الإعلاميَّة الأخرى مجتمعاً يُسَهِّل على المتابع المعايش لها استقراءً لظاهراتها وتوجُّهاتها إذا ما امتلكَ أدواته المناسبة فتمكَّن من تقويم هذا التَّواصل تحليلاً واستنتاجاً وحواراً ذاتيّاً مع الأفكار والممارسات المعروضة فيها، وفي كلِّ مجتمعات الدنيا عقلاءُ وحكماءُ وذوو بصائر ثاقبة متَّزنة يتعاملون مع ما حولهم من أفكارٍ وممارساتٍ تعاملاً تفاعليّاً يقظاً؛ ولذلك فهم يثرون مجتمعاتهم بتجاربهم وبأفكارهم وبآرائهم فيضيفون مفيدين مجتمعاتهم وأوطانهم، أولئك أقدِّرهم وسأخصِّص لهم مقالةً بمشيئة الله، فيما مقالتي هذه ستتناول بعنوانها أعلاه المشار إليهم فقط في فقراتها التالية؛ إذْ لَيْسَ أَسْفَهُ ولا أَحْمَقُ مِنْ …: * مِنْ مُؤَدْلَجِين تحرِّكهم توجُّهاتُ منظِّري الفكر المتطرِّف وقناعاتهم دون تأمُّلٍ وتفكيرٍ بأهدافٍ وغاياتٍ ونتائج، فيتمنطقون أحزمتهم الناسفة ليفجِّروا أجسادهم في أبرياء وفي منشآت وطنيَّة وأمنيَّة وهم يعلمون من تجارب سفهاء حمقى مُؤَدْلَجِين قبلهم أنَّها لم تحقِّق أهدافاً ولم توصل لنتائج يسعون إليها، فأيُّ سفهٍ وأيُّ حمقٍ جرَّهم لهذا، نسأل الله العافية وأن يحمي الوطن والمواطنين منهم. * ممَّن قَصُرَتْ بهم قدراتُهم أو قصَّرتْ بهم جهودُهم وطموحاتهم عن التحصيل العلميِّ العالي فتطلَّعوا لشهاداتٍ ولألقاب علميَّة مستشرفين مكانةً اجتماعيَّة ومسؤوليَّةً وظيفيَّةً فلجؤوا إلى جامعات وهميَّة وغير معترف بها مشترين شهاداتها وألقابهم العلميَّة ظنّاً بأنَّهم لن يكتشفوا بقدراتهم ومهاراتهم، وحينما اكتشِفُوا فمنعوا من استخدام ألقابٍ علميَّة مزوَّرة واستبعدوا عن مسؤوليَّاتٍ اقتنصوها في غفلة، إلا أنَّه بقيتْ نظراتُ المجتمع تلاحقهم فتذكِّرهم بزيفهم وسفههم وحمقهم، فتعاظمت معاناتهم من مناداتهم بألقاب علميَّة مزيَّفة تقريعاً لهم ليس إلَّا، ولم يخرجهم من معاناتهم تلك إحراقهم شهاداتهم أمام الآخرين وفي قنواتٍ فضائيَّة. * ممَّن يسرعون بسيَّاراتهم في الطرق وفي الشوارع فيقطعون الإشارات المروريَّة ويفحِّطون ويطرطعون ويصخبون بسيَّاراتهم؛ بتأثير إيحاءاتٍ نفسيَّة مأزومة تصوِّرهم الأميز قيادةً وأنَّ سيَّاراتهم الأمتن تقنيةً، ولم يردعهم عن سفههم هذا وعن حمقهم ما يرونه ويسمعونه أخباراً عن حوادث أُزْهِقَتْ فيها أرواحُ سفهاء وحمقى قبلهم وأبرياء حملتْهم أقدارهم للركوب معهم أو للمرور في طريقهم، أصلح الله شأنهم وحمى الوطن ومواطنيه منهم. * مَنْ تحرِّكهم شعوبيَّةٌ وطائفيَّة ليتجسَّسوا على وطنهم لصالحِ أعدائه من دولٍ وأحزاب وتنظيمات إرهابيَّة، مع أنَّهم قد حقَّقوا لأنفسهم مراكز اقتصاديَّة ومواقع أكاديميَّة هيَّأها لهم الوطنُ، فأي حمقٍ يجعلهم ينكرون دور الوطن في تحقيقهم ما حقَّقوه، وأي سفهٍ يجعلهم أدوات تخريب لوطنهم بأيدي أعدائه، وكيف لم يعتبروا بسابقيهم المنفَّذة فيهم أحكامٌ قضائيَّة تتناسب والخيانة العظمى التي اقترفوها؟، وكيف فاتهم أنَّ في وطنهم رجالَ أمن ساهرين متابعين سيكتشفون مخطَّطاتهم فيحفظون للوطن أمنه واستقراره، حمى الله سبحانه وتعالى الوطنَ من سفه المتجسِّسين وحمقهم. * مَنْ شوَّهوا الرياضة بتعصُّبهم الأحمق لأنديتهم مسيئين للوطن ولغيرهم من المتعصِّبين رياضيّاً، فأيُّ سفه يجعلهم يخسرون بتعصُّبهم مَنْ حولهم لاختلافاتٍ في انتماءاتهم التشجيعيَّة، وأي حمقٍ يجعلهم يضيِّعون مسؤوليَّاتهم وواجباتهم الاجتماعيَّة والوطنيَّة، ويسيئون للمواطنين في الشوارع أعقاب انتصارات أنديتهم، ويهدرون أوقاتهم بين تحليلاتٍ وادِّعاءاتٍ وحواراتٍ لا تضيف للرياضة رقيّاً، ويتعاظم ذلك السفهُ والحمقُ حينما يمارس كهولٌ ومسنِّون التَّعصبَ في التشجيع أمام أولادهم وأطفالهم فأيُّ قدواتٍ أولئك لهم؟. * مَنْ يقترضون من البنوك أو من الأفراد بدافع مظاهر زائفةٍ تباهياً وادِّعاءً متوهِّمين أنَّهم يرتفعون بها مكانة اجتماعيَّة بين أقرانهم وأقربائهم ومعارفهم، فأيُّ سفهٍ وحمقٍ يجعلهم يغيِّرون سيَّاراتهم وجوَّالاتهم وأثاث منازلهم أو يسافرون سياحةً خارجيَّة كلَّ سنة وهم عاجزون عن الادِّخار من دخولهم السنويَّة لذلك، بل وتجدهم مقصِّرين في النهوض باحتياجات أسرهم الضروريَّة المعتادة، فتتعاظم ديونهم سنويّاً ليصل الأمر ببعضهم إلى عجزٍ قد يقودهم إلى السجون للإيفاء بحقوق الآخرين والبنوك إن لم تصادرْ منازل أسرهم وممتلكاتهم الثابتة لتسديدها. * مَنْ تشغلهمْ وسائلُ التَّواصل الاجتماعيِّ والأجهزة الذكيَّة ساعاتٍ طويلةً ليلاً ونهاراً، وفي الشوارع وبين جلسائهم وأسرهم وأثناء قياداتهم لسيَّاراتهم، فينفصلون بذلك عن مجتمعاتهم ويخلُّون بمسؤوليَّاتهم وواجباتهم الاجتماعيَّة والوظيفيَّة والوطنيَّة، وربَّما دخلوا بمهاترات مع غيرهم عبر هذه الوسائل والتقنيات فيسيئون لأنفسهم ولوطنهم ولمجتمعاتهم بقصدٍ أو بغير قصد، وقد يدخلون لمواقع هدَّامة فكريّاً وأخلاقيّاً، فأيُّ سفهٍ وأيُّ حمقٍ يمارسه أولئك ويكرِّرونه يومياً على حساب صحَّتهم وعلاقاتهم الاجتماعيَّة ومسؤوليَّاتهم الأسريَّة؟، وهل يرضون ذلك لأولادهم؟!، وكيف يحمونهم منه وهم يمارسونه؟!!. * مَنْ يحرِّكهم التهريجُ والتنكيتُ فيسيئون إلى المرأة السعوديَّة معمِّمين مشكلاتهم الخاصَّة، فأي سفهٍ وأيُّ حمقٍ يدفعهم لذلك؟، فلو استشاروا خبراء في الإصلاح الأسريِّ أو مختصِّين في علم النفس وعلم الاجتماع لربَّما صلحتْ أحوالهم وخفَّتْ حدَّة مشكلاتهم ولنظروا إلى المرأة السعوديَّة من زاوية صبرها وحرصها ما أمكنها ذلك على أسرتها وحياتها الاجتماعيَّة وأنَّها لا تفرِّط بذلك إلَّا إذا استحالت حياتها مع هذا الشريك، والإسلام قد أتاح لها مخرجاً من ذلك إذا لم تجد إلَّا هو. * مَنْ سينتقدون طرحي مثل هذه الموضوعات وربَّما رأوها لا تستحقُّ الكتابة فيها أو نشرها، وربَّما برَّروا ذلك أنِّي قد كتبتُ عن بعضها أو أنَّ غيري كتب عنها وفيها، فأيُّ سفهٍ وحمقٍ ينظرون فيه إلى تلك الظاهرات والممارسات الاجتماعيَّة والفكريَّة ولا يرون أنَّ الكتابة فيها مهما تكرَّرت لا بدَّ منها ما دامت قائمةً في مجتمعاتنا وفي وطننا، فالكتابة فيها وعنها ستظلُّ مسؤوليَّةً وطنيَّة وواجباً أخلاقيّاً حتَّى يتخلَّصَ منها الوطنُ ممارسةً يتَّصف بها السفهاء والحمقى.