الخروج من عباءة الاقتصاد الريعي أحد أبرز التحديات التي تتعامل معها رؤية 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020، وهو في الواقع تحد من مسؤولية كل من ينشط في القطاعين العام والخاص، إذ إن تنويع الإنتاج والانفتاح صناعيا يختصر كثيرا من الوقت والجهد في موازنة المقومات الاقتصادية ووضع الاقتصاد الكلي في مسار متعدد القطاعات الإنتاجية التي تضيف إلى النشاط الاستثماري حيوية ذات قيمة مضافة ومضاعفة. هناك مؤشرات إيجابية متعددة، تؤكد أن اقتصادنا الوطني يمضي في الاتجاه الذي يجب أن يكون فيه، من حيث الفاعلية والقدرة المالية، ولعلنا نتوقف قليلا عند أحد تقارير وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني، التي أكدت أن المركز المالي للسعودية لا يزال قويا، رغم أن الاعتماد على النفط لا يزال يمثل تحديا رئيسيا على الصعيد الائتماني، وبما أن القوة موجودة ينبغي استثمارها للتعاطي مع مؤشرات الوكالة في تحدي النفط الذي يتعرض لاهتزازات وتقلبات في أسعاره تجعله غير مؤهل في العمليات الائتمانية التي تتطلب ما هو أكثر من سلعة واحدة لرفد الخزينة العامة بمواردها المالية التي تجعل الملاءة أكثر قوة وديناميكية. اقتصادنا بهذا المركز المالي القوي لا يعني أنه لن يتعرض لاهتزازات، بل بالعكس هي مطلوبة لأنها تعني تصحيحا لأداء كثير من القطاعات ومنعها من الاسترخاء، وأفضل فترات الازدهار دائما تأتي عقب الركود والانكماش، وهناك تجارب اقتصادية دولية كثيرة في هذا السياق، لذلك توقعت الوكالة أن يصاحب تطبيق خطط الإصلاح الطموحة والشاملة التي أعلنتها الحكومة السعودية بعض التحديات، وأشارت الى احتمالية تراجع الناتج المحلي للمملكة بواقع 0.2% خلال عام 2017 بسبب انخفاض إنتاج النفط، وأن تسجل الموازنة عجزا بنسبة 10.5% من الناتج المحلي في 2017 على أن يتراجع إلى 9.2% في 2018. مع هذه الوقائع، نتوقع أن نحقق أداء أفضل في المستقبل القريب، لأن لدينا تحديات توصلنا اليها وفقا لمؤشرات واقعية ويمكن التعامل معها مبكرا بذات الرؤية والطموح والروح العملية التي تستوعب المتغيرات وتعرف مواضع الخلل، وتقرير الوكالة داعم في الأسواق الدولية بما يفتح المزيد من قنوات الاستثمار وجذب الأصول الأجنبية التي تسهم في انتعاش الاقتصاد ورفع معدلات نموه إلى مستويات قياسية نحتاجها وفقا لطموح الرؤية والتحول، فهناك توقعات على المدى المتوسط بأن تصبح مصادر إيرادات الحكومة متنوعة مع انخفاض إيرادات النفط والغاز إلى 54% بحلول 2020. المستقبل يبشر- بإذن الله- بأداء اقتصادي متوازن وأكثر استقرارا في واقعه الائتماني، ونسعى لأن يتصاعد الأداء مع كل عمليات ازدهار في أي قطاع من القطاعات الرئيسية التي تعكس المتانة المالية وقوة الوضع الاقتصادي، مع تعامل مهني مع المخاطر المتوقعة والمحتملة، ومتى خرجنا من الدائرة النفطية إلى فضاء التنوع الاستثماري فإننا نعبر جسر تلك المخاطر بقوة دفع أكبر وأكثر جدوى على المدى المتوسط والبعيد، ما يعني توظيفا دقيقا لمثل تقارير هذه الوكالات في عملية التنويع وإثراء العمليات الاستثمارية في مختلف القطاعات.