أكد سفير اليابان لدى المملكة نوريهيرو أوكودا، أن ملفات السلام الدولي و«رؤية المملكة 2030» وقضايا منطقة الشرق الأوسط ستكون من أبرز ملفات زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز المقبلة إلى طوكيو، مبينا أن المملكة ستظل مزودا رئيسيا موثوقا للنفط بالنسبة لأمن الطاقة الياباني. ولفت السفير أوكودا في حوار مع «اليوم»، ان الزيارة ستمثل مرحلة لانطلاق تعاون قوي بين البلدين من أجل خلق مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر من خلال تنفيذ الرؤية السعودية 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020. مشيرا الى أن قضايا اليمن وسوريا ستكون حاضرة ضمن أجندة الزيارة.. فإلى الحوار: ■■ حدثنا عن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى طوكيو وأهميتها ونتائجها المتوقعة للبلدين؟ * أود أن أعرب عن ترحيبي الحار بمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله ورعاه- بمناسبة زيارته الكريمة إلى اليابان. وستكون هذه هي الزيارة الرسمية الأولى له منذ ثلاثة أعوام، حيث كانت آخر زيارة إلى اليابان في عام 2014 حينما كان وليا العهد. في سياق الزيارة الكريمة للملك سلمان إلى طوكيو، سوف تسعى كل من اليابان والمملكة العربية السعودية لتعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات. فالقضايا التي سنتناولها لن تقتصر على الاقتصاد فقط، بل أيضا، تشمل مواضيع ثقافية وترفيهية من أجل تحقيق الأهداف التي وُضعت في رؤية 2030، فضلا عن التعاون الأمني. وبالإضافة إلى ذلك، سوف تكون القضايا الإقليمية في منطقة شرق آسيا جزءًا من جدول أعمال الاجتماع، من أجل تحقيق السلام والاستقرار في المجتمع الدولي، إنه أساسي أن يكون هناك نجاح من خلال احترام «سيادة القانون»، ونود أن نشارك وجهة النظر هذه مع خادم الحرمين الشريفين. كما أننا نود تبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية في الشرق الأوسط مثل قضايا اليمن وسوريا. وأنا هنا أغتنم هذه الفرصة لأتطرق باختصار للزيارة الأخيرة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع إلى اليابان في سبتمبر 2016. وبالفعل، كانت تلك الزيارة هي فرصة رائعة لكل من المملكة العربية السعودية واليابان لترسيخ العلاقات الثنائية الوثيقة للتعاون بينهما في مختلف المجالات التي امتدت على مدى العقود الستة الماضية، ولانطلاق مرحلة التعاون القوي للمملكة العربية السعودية من أجل خلق مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر من خلال تنفيذ الرؤية السعودية 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020. ■■ كيف تنظر الحكومة اليابانية للمجموعة السعودية اليابانية المشتركة لرؤية 2030؟ * اليابان تشيد بسلسلة المبادرات المتنوعة لإصلاح اقتصاد ومجتمع المملكة العربية السعودية، وترغب في التعاون النشط معها لتحقيق الأهداف التي خططت في الرؤية لهذا الغرض، لذا قام كلا البلدين بتأسيس «المجموعة السعودية- اليابانية المشتركة لرؤية 2030» وذلك عقب الزيارة التي قام بها ولي ولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان إلى اليابان مباشرة، فقد قام وفد برئاسة معالي السيد هيروشيغي سيكو، وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني، بعقد الاجتماع الأول للمجموعة المشتركة مع نظرائهم السعوديين، وذلك بتاريخ 9 أكتوبر 2016 في الرياض، وناقشوا من خلال هذا الاجتماع مجالات التعاون المتوقع بشكل مفصّل، مثل مجالات الطاقة، والرعاية الصحية، وتجارة التجزئة، والرسوم المتحركة (الأنمي) والملكية الفكرية. وهكذا، قامت اليابان باتخاذ إجراءات سريعة لقطف النتائج الإيجابية لزيارة سموه، وقامت المجموعة السعودية- اليابانية المشتركة لرؤية 2030 بتشكيل مجموعات فرعية سيقودها ويمثلها خبراء رفيعو المستوى ومسؤولون من كلا الجانبين، والمجموعات الفرعية هذه تشمل فرص التجارة، الاستثمار والتمويل، الطاقة والصناعة، المشاريع الصغيرة والمتوسطة وبناء القدرات، الثقافة والرياضة. السفير الياباني ■■ ما هذه المجالات؟ * منذ الاجتماع الأول للمجموعة المشتركة، يقوم البلدان بتعجيل مناقشات مفصلة لتحديد مجالات محددة وطرق عملية للتعاون. ومن ضمن هذه المناقشات، تعتبر مجالات البنية التحتية، والترفيه، والطاقة، والاكتتاب العام لأرامكو، وإنترنت الأشياء (IoT)، والبيانات الضخمة، والذكاء الاصطناعي (A.I.)، والروبوت (الإنسان الآلي) من الأولويات، تأمل السعودية واليابان توافقهما على المشاريع ذات الأولوية أثناء اجتماع على المستوى الوزاري في طوكيو في ربيع 2017، والذي نأمل عقده بمناسبة زيارة الملك سلمان إلى اليابان. ونرغب في تعزيز العلاقة مع المملكة العربية السعودية في المجال العسكري. نرحب بمزيد من المناقشة المتواترة والمفصلة بين البلدين حول قضايا أمنية إقليمية، سوف نركز أيضا على التبادلات الدفاعية المستقبلية المحتملة أو التعاون بما في ذلك تبادل الزيارات رفيعة المستوى من كبار مسؤولي الدفاع والتعاون في مجال المعدات الدفاعية. ويسرني أن أشير إلى قيام المملكة العربية السعودية بتعيين ملحق للدفاع في طوكيو، وذلك للمرة الأولى، ونحن نعتبر هذا التعيين رمزا لتعزيز العلاقات بين بلدينا، متمنيا له مزيدا من التوفيق والنجاح في تعزيز التعاون العسكري، والعمل جنبا إلى جنب مع ملحق الدفاع الياباني في الرياض. ■■ أرجو أن تحدثنا بشيء من التفصيل عن علاقات البلدين في المجالات الاقتصادية؟ * لقد قامت اليابان والمملكة العربية السعودية وبشكل مشترك بتوسيع التعاون الاقتصادي منذ العام 1975، عندما تم إبرام «اتفاقية التعاون الاقتصادي والفني بين المملكة العربية السعودية واليابان»، وبعدها أضحت المملكة العربية السعودية أكبر مصدر للنفط الخام إلى بلادنا. أما بالنسبة للمملكة، فإن اليابان تعتبر رابع أكبر دولة تُصدر لها السعودية، وثالث أكبر دولة تستورد منها في 2014، واليابان تعتبر السعودية خامس أكبر دولة تصدر لها بنحو 3 تريليونات ين ياباني منتجات النفط الخام وغاز البترول المسال، وكذلك تمثل الدولة رقم 21 الاكبر استيرادا للمنتجات اليابانية بنحو 0.8 تريليون ين وذلك كله في عام 2015. من الواضح تماما أن السعودية ستظل مزودا رئيسيا موثوقا للنفط بالنسبة لأمن الطاقة الياباني، وأيضا، ستظل المملكة العربية السعودية واحدة من أهم المستوردين البارزين للمنتجات الصناعية اليابانية، كل ذلك يدل على أن البلدين سوف يبقيان كشركاء تجارة ممتازين، ولكني بالطبع أتمنى أن أرى مزيدا من الاستثمارات، سواء كانت واردة أو صادرة، وكذلك بالنسبة للاستثمارات المشتركة لفرص الأعمال خارج المملكة. ■■ كم يبلغ حجم الاستثمارات بين المملكة واليابان؟ * في عام 2010، كان إجمالي حجم الاستثمار الياباني المباشر في السعودية حوالي 14.5 مليار دولار، وكانت اليابان رابع أكبر دولة مستثمرة في السعودية. وتوضح البيانات اليابانية أن حجم الاستثمار الخارجي المباشر خلال الفترة 2012- 2015 بلغ حوالي 162 مليار ين ياباني. تقليديا، يظل التركيز الرئيسي للاستثمار الأجنبي المباشر لليابان في قطاع البتروكيماويات السعودي، والأهم منها الاستثمار المشترك في شركة بترورابغ بمبلغ 16 مليار دولار. وفي الوقت عينه، هناك استثمارات يابانية متزايدة في قطاع الصناعات التحويلية، مثل صناعة الشاحنات، وتوربينات توليد الطاقة، الأنابيب، والصمامات، الكيابل الكهربائية عالية الجهد تحت سطح البحر، وأغشية تحلية ومعالجة المياه المالحة وغيرها. ومن المهم أيضا، أن مجموعة «سوفت بنك» (SoftBank) اليابانية الرائدة في مجال الاستثمار بقطاع التكنولوجيا، أعلنت في أكتوبر 2016 أنها سوف تنشئ صندوقا مشتركا مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي اسمه صندوق «رؤية سوفت بنك» بمبلغ 100 مليار دولار، حيث يستثمر صندوق الاستثمارات العامة السعودي وسوفت بنك مبلغا قدره 45 مليار دولار و25 مليار دولار على التوالي. أيضا تستثمر جهات أخرى بمبلغ قدره 35 مليار دولار. وبالإضافة لذلك سوف يسعى الصندوق لفرص استثمارية ممتازة في جميع أنحاء العالم، وخاصة في مجال تقنية المعلومات وقطاع التقنية العالية. نحن لا نشك في أن الاستثمار الأجنبي المباشر لليابان في المملكة العربية السعودية سوف يظل متزايدا. وفي الوقت نفسه، ترحب اليابان بالاستثمار السعودي الأجنبي المباشر باليابان في مختلف القطاعات. ■■ ماذا عن التعاونين الثقافي والرياضي بين الرياضوطوكيو؟ * لدينا تعاون مع الحكومة السعودية في مجالات الثقافة والترفيه والرياضة، وبهذا الصدد، يسعدنا جدا إعلان رغبتنا في إقامة «الأسبوع الثقافي الياباني» في شهر أبريل لهذا العام، وذلك بناء على مذكرة التعاون في مجال التبادل الثقافي، والتي تم إبرامها في سبتمبر الماضي. نحن بالإضافة لذلك، نخطط لمزيد من تسريع التبادل في المجال الرياضي، وخاصة فيما يتعلق بالألعاب الأولمبية والبارالمبية بطوكيو في عام 2020. وفي هذا السياق، قمنا بإرسال أربعة من خبراء رياضة الكاراتيه إلى المملكة في يناير الماضي، كما أننا سنرسل خبراء برياضة الجودو في شهر مارس المقبل، وذلك استجابة لطلب اتحادي الكاراتيه والجودو السعوديين. ومن خلال هذه المبادرات، فإن حلمي الكبير هو أن يفوز لاعبو الكاراتيه والجودو السعوديون ببعض الميداليات الذهبية في دورة الألعاب الأولمبية التي تقام بطوكيو في العام 2020. مناقشات مفصلة لتحقيق التعاون في الفترة المقبلة أعلن السفير الياباني لدى المملكة أن البلدين يقومان بتعجيل مناقشات مفصلة لتحقيق التعاون المشترك في مجالات البنية التحتية، والترفيه، والطاقة، والاكتتاب العام لأرامكو، والإنترنت والبيانات الضخمة، والذكاء الاصطناعي، والروبوت. وقال إن اليابان والسعودية يأملان توافقهما على المشاريع ذات الأولوية أثناء اجتماع على المستوى الوزاري يعقد في ربيع 2017 بطوكيو، بمناسبة زيارة الملك سلمان إلى اليابان. وشدد من جهة أخرى على رغبة بلاده في تعزيز العلاقات الثنائية في المجال العسكري. مرحبا بالتعاون حول القضايا الأمنية الإقليمية، والمعدات العسكرية والتبادلات الدفاعية المستقبلية. علاقات متميزة أكثر من ستة عقود من العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين المملكة واليابان، استثمراها في نموهما الاقتصادي، وتطوير التقنيات، وتحسين البنية التحتية، وتعزيز المعرفة والإثراء الثقافي. خلال تلك الفترة، زادت أهمية اليابان لتصبح ثالث أكبر شريك تجاري للمملكة، حيث بلغت قيمة وارداتها من المنتجات البترولية السعودية 45.4 بليون دولار أمريكي فيما بلغت قيمة صادراتها للمملكة من السلع تامة الصنع 7.5 بليون دولار. فيما تزود المملكة اليابان بأكثر من 35% من وارداتها من النفط الخام، مما يجعل المملكة ركيزة أساس لهيكل أمن الطاقة في البلاد.